responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 664
عَلَى مَصَالِحِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. وَمِمَّا يَزِيدُ هَذَا الْعُدُولَ تَوْجِيهًا أَنَّ التَّصَدِّيَ لِلْبَيَانِ يَفَتْحُ بَابَ الْجِدَالِ فِي إِثْبَاتِ الْمَصْلَحَةِ وَتَفَاوُتِ ذَلِكَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ وَالْفُهُومِ.
وَلِأَنَّ أَسْبَابَ التَّشْرِيعِ وَالنَّسْخِ أَقْسَامٌ، مِنْهُ مَا ظَهَرَ وَجْهُهُ بِالنَّصِّ فَيُمْكِنُ إِفْهَامُهُمْ إِيَّاهُ نَحْوَ قَوْلِهِ: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [الْمَائِدَة: 91] الْآيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى [النِّسَاء: 43] الْآيَةَ وَنَحْوَ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً [الْأَنْفَال: 66] الْآيَةَ. وَمِنْهَا مَا يَعْسُرُ إِفْهَامُهُمْ إِيَّاهُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمٍ وَتَفْصِيلٍ مِنْ شَأْنِ الْمُشَرِّعِينَ وَعُلَمَاءِ الْأُصُولِ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي عُرِفَتْ بِالْقِيَاسِ وَأُصُولِ التَّشْرِيعِ. وَمِنْهَا مَا لَمْ يُطْلَعْ عَلَى حِكْمَتِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ فِيمَا يَلِيهِ، وَلَمَّا كَانَ مُعْظَمُ هَاتِهِ التَّفَاصِيلِ يعسر أَو يتَعَذَّر إِفْهَامُهُمْ إِيَّاهُ وَقَعَ الْعُدُولُ الْمَذْكُورُ. وَلِكَوْنِ هَاتِهِ الْجُمْلَةِ تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَيَانِ لِلْأُولَى فُصِلَتْ عَنْهَا.
وَالْخِطَابُ فِي تَعْلَمْ لَيْسَ مُرَادًا مِنْهُ ظَاهِرَةُ الْوَاحِدِ وَهُوَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ إِمَّا خِطَابٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ خَارِجٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ بِتَشْبِيهِ مَنْ لَيْسَ حَاضِرًا لِلْخِطَابِ وَهُوَ الْغَائِبُ مَنْزِلَةَ الْمُخَاطَبِ فِي كَوْنِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُخَاطَبًا لِشُهْرَةِ هَذَا الْأَمْرِ وَالْمَقْصِدُ مِنْ ذَلِكَ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَبٍ صَالِحٍ لَهُ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَظُنُّ بِهِ أَوْ يَتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَلَوْ بِعَدَمِ جَرَيَانِهِ عَلَى مُوجِبِ عِلْمِهِ، وَإِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَالَ الْقُطْبُ وَالطِّيبِيُّ مِنْ شُرَّاحِ «الْكَشَّافِ» وَعَلَيْهَا يَشْمَلُ هَذَا الْخِطَابُ ابْتِدَاءَ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ وَمَنْ عَسَى أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَتُرَوَّجَ عَلَيْهِ الشُّبْهَةُ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا غَيْرُهُمْ فَغَنِيٌّ عَنِ التَّقْرِيرِ فِي الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا أُدْخِلَ فِيهِ لِيَسْمَعَ غَيْرُهُ.
وَإِمَّا مُرَادٌ بِهِ ظَاهِرُهُ وَهُوَ الْوَاحِدُ فَيَكُونُ الْمُخَاطَبُ هُوَ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ فَيَنْتَقِلُ مِنْ خِطَابِ النَّبِيءِ إِلَى مُخَاطَبَةِ أُمَّتِهِ انْتِقَالًا كِنَائِيًّا لِأَنَّ عِلْمَ الْأُمَّةِ مِنْ لَوَازِمِ عِلْمِ الرَّسُولِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَسُولٌ لُزُومًا عُرْفِيًّا فَكُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِهِ بِعُنْوَانِ الرِّسَالَةِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ أُمَّتُهُ لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ فِي بَابِ الْعَقَائِدِ وَالتَّشْرِيعِ فَهُوَ حَاصِلٌ لَهُمْ فَتَارَةً يُرَادُ
مِنَ الْخِطَابِ تَوَجُّهُ مَضْمُونِ الْخِطَابِ إِلَيْهِ وَلِأُمَّتِهِ وَتَارَةً يُقْصَدُ مِنْهُ تَوَجُّهُ الْمَضْمُونِ لِأُمَّتِهِ فَقَطْ على قَاعِدَة الْكِنَايَة فِي جَوَازِ إِرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ مَعَ الْكِنَائِيِّ، وَهَاهُنَا لَا يَصْلُحُ تَوَجُّهُ الْمَضْمُونِ لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ لَا يُقَرِّرُ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِأَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُنْكِرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا التَّقْرِيرُ لِلْأُمَّةِ، وَالْمَقْصِدُ مِنْ تِلْكَ الْكِنَايَةِ التَّعْرِيضُ بِالْيَهُودِ. وَإِنَّمَا سَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 664
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست