responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 595
وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ ابْنُ مَرْيَمَ كَوَّنَهُ اللَّهُ فِي بَطْنِهَا بِدُونِ مَسِّ رَجُلٍ، وَأُمُّهُ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا.
وُلِدَ عِيسَى فِي مُدَّةِ سَلْطَنَةِ أَغُسْطُسَ مَلِكِ رُومِيَّةَ وَفِي مُدَّة حكم هيرودس عَلَى الْقُدْسِ مِنْ جِهَةِ سُلْطَانِ الرُّومَانِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ 430 عِشْرِينَ وسِتمِائَة قبل الهجرية الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ بِقَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِبَيْتِ لَحْمٍ الْيَهُودِيَّةِ، وَلَمَّا بَلَغَ ثَلَاثِينَ سَنَةً بُعِثَ رَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَقِيَ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَنْ بلغ سنه ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً.
وَأَمَّا مَرْيَمُ أُمُّهُ فَهِيَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا وَلَدَتْ عِيسَى وَهِيَ ابْنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَتَكُونُ وِلَادَتُهَا فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَبْلَ مِيلَادِ عِيسَى وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَ أَنْ شَاخَتْ وَلَا تُعْرَفُ سَنَةُ وَفَاتِهَا، وَكَانَ أَبُوهَا مَاتَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ مِنْ بَنِي أَبْيَا وَهُوَ زَوْجُ الْيَصَابَاتِ خَالَةِ مَرْيَمَ وَكَانَ كَاهِنًا مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.
وَالْبَيِّنَاتُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيِ الْآيَاتُ وَالْمُعْجِزَاتُ الْوَاضِحَاتُ، وَأَيَّدْناهُ قَوَّيْنَاهُ وَشَدَدْنَا عَضُدَهُ وَنَصَرْنَاهُ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ اسْمٍ جَامِدٍ وَهُوَ الْيَدُ فَأَيَّدَ بِمَعْنَى جَعَلَهُ ذَا يَدٍ وَالْيَدُ مَجَازٌ فِي الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ فَوَزْنُ أَيَّدَ أَفْعَلَ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهُ مُشْتَقًّا مِنَ الْأَيْدِ وَهُوَ الْقُوَّةُ فَوَزْنُهُ فَعَّلَ.
وَالتَّأْيِيدُ التَّقْوِيَةُ وَالْإِقْدَارُ عَلَى الْعَمَلِ النَّفْسِيِّ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَيْدِ وَهُوَ الْقُوَّةُ قَالَ تَعَالَى: وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ [ص: 17] والأيد مُشْتَقٌّ مِنَ الْيَدِ لِأَنَّهَا آلَةُ الْقُدْرَةِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الْيَدِ أَيْ جَعَلَهُ ذَا يَدٍ أَيْ قُوَّةٍ، وَالْمُرَادُ هُنَا قُوَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ وَهِيَ قُوَّةُ الرِّسَالَةِ وَقُوَّةُ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْأَنْفَالِ [62] قَوْلُهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ.
وَالرُّوحُ جَوْهَرٌ نُورَانِيٌّ لَطِيفٌ أَيْ غَيْرُ مُدْرَكٍ بِالْحَوَاسِّ فَيُطْلَقُ عَلَى النَّفْسِ الْإِنْسَانِيِّ
الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْإِنْسِ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى مَا بِهِ حَيَاةُ الْعَجْمَاوَاتِ إِلَّا لَفْظُ نَفْسٍ، قَالَ تَعَالَى:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الْإِسْرَاء: 85] وَيُطْلَقُ عَلَى قُوَّةٍ مِنْ لَدُنِ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ بِهَا عَمَلٌ عَجِيبٌ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا [التَّحْرِيم: 12] ، وَيُطْلَقُ عَلَى جِبْرِيلَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشُّعَرَاء: 193، 194] وَهُوَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها [الْقدر: 4] وَقَوْلِهِ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ
[النبأ: 38] .
وَالْقُدُسُ بِضَمَّتَيْنِ وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ أَوِ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى النَّزَاهَةِ وَالطَّهَارَةِ.
وَالْمُقَدَّسُ الْمُطَهَّرُ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [الْبَقَرَة: 30] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 595
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست