responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 584
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ خِطَابٌ لِلْحَاضِرِينَ وَلَيْسَ بِالْتِفَاتٍ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا. وَالْمَعْنَى أَخَذْنَا مِيثَاقَ الْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَأُصُولِ الْإِحْسَانِ فَكُنْتُمْ مِمَّنْ تَوَلَّى عَنْ ذَلِكَ وَعَصَيْتُمْ شَرْعًا اتَّبَعْتُمُوهُ. وَالتَّوَلِّي الْإِعْرَاضُ وَإِبْطَالُ مَا الْتَزَمُوهُ، وَحَذْفُ مُتَعَلِّقِهِ لِدِلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، أَيْ تَوَلَّيْتُمْ عَنْ جَمِيعِ مَا أَخَذَ عَلَيْكُمُ الْمِيثَاقَ بِهِ أَيْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وَعَبَدْتُمُ الْأَصْنَامَ وَعَقَقْتُمُ الْوَالِدَيْنِ وَأَسَأْتُمْ لِذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُلْتُمْ لِلنَّاسِ أَفْحَشَ الْقَوْلِ وَتَرَكْتُمُ الصَّلَاةَ وَمَنَعْتُمُ الزَّكَاةَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخِطَابِ فِي تَوَلَّيْتُمْ الْمُخَاطَبِينَ زَمَنَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَبَعْضُ مِنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ متوسط عصور الإسرائيليين فَيَكُونُ ضَمِيرُ الْخِطَابِ تَغْلِيبًا، نُكْتَتُهُ إِظْهَارُ بَرَاءَةِ الَّذِينَ أُخِذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدُ أَوَّلًا مِنْ نَكْثِهِ وَهُوَ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْجَمْعِ وَالْمُرَادُ التَّوْزِيعُ أَيْ تَوَلَّيْتُمْ فَمِنْكُمْ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ لِلْوَالِدَيْنِ وَذِي الْقُرْبَى إِلَخْ وَهَذَا مِنْ صِفَاتِ الْيَهُودِ فِي عَصْرِ نُزُولِ الْآيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَمِنْكُمْ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَهَذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ يَهُودَ زَمَنَ النُّزُولِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ بَعْدِ سُلَيْمَانَ فَقَدْ كَانَتْ مِنْ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ عَبَدَةُ أَصْنَامٍ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ فِيهِمْ مِرَارًا كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي سِفْرَيِ الْمُلُوكِ الْأُوَلِ وَالثَّانِي من التَّوْرَاة.
و (ثمَّ) لِلتَّرْتِيبَيْنِ التَّرَتُّبِيِّ وَالْخَارِجِيَّ.
وَقَوْلُهُ: إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ إِنْصَافٌ لَهُمْ فِي تَوْبِيخِهِمْ وَمَذَمَّتِهِمْ وَإِعْلَانٌ بِفَضْلِ مَنْ حَافَظَ عَلَى الْعَهْدِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَلِكَوْنِهَا اسْمِيَّةً أَفَادَتْ أَنَّ الْإِعْرَاضَ وَصْفٌ ثَابِتٌ لَهُمْ وَعَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْهُمْ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ اسْمِ الْفَاعِلِ مُشْتَقًّا مِنْ فعل منزل منزلَة اللَّازِمِ وَلَا يُقَدَّرُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ مُشْتَقًّا مِنْ فِعْلٍ حُذِفَ مُتَعَلَّقُهُ تَعْوِيلًا عَلَى الْقَرِينَةِ أَيْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ عَنِ الْوَصَايَا الَّتِي تَضَمَّنَتْ ذَلِكَ الْمِيثَاقَ أَيْ تَوَلَّيْتُمْ عَنْ تَعَمُّدٍ وَجُرْأَةٍ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثٍ بِالْوَصَايَا وَتَرْكًا لِلتَّدَبُّرِ فِيهَا وَالْعَمَلِ بِهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 584
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست