responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 382
حُكْمِ الْأَشْيَاءِ أَيَّامَ الْفَتْرَةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَيْ فِيمَا ارْتَكَبَهُ النَّاسُ مِنْ تَنَاوُلِ الشَّهَوَاتِ وَنَحْوِهَا وَلِذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْأَمْرَ مَوْقُوفٌ وَأَنَّهُ لَا وَصْفَ لِلْأَشْيَاءِ يَتَرَتَّبُ مِنْ أَجْلِهِ عَلَيْهَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ.
وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا يَحْتَاجُ الْعُلَمَاءُ إِلَى فَرْضِهِ لِأَنَّ أَهْلَ الْفَتْرَةِ لَا شَرْعَ لَهُمْ وَلَيْسَ لِأَفْعَالِهِمْ أَحْكَامٌ إِلَّا فِي وُجُوبِ التَّوْحِيدِ عِنْدَ قَوْمٍ، وَأَمَّا بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَقَدْ أَغْنَى الشَّرْعُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ وُجِدَ فِعْلٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ نَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ أَوِ اسْتِدْلَالٍ صَحِيحٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّ أَصْلَ الْمَضَارِّ التَّحْرِيمُ وَالْمَنَافِعِ الْحِلُّ وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِي «الْمَحْصُولِ» فَتَصِيرُ لِلْمَسْأَلَةِ ثَمَرَةٌ بِاعْتِبَارِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
انْتِقَالٌ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا وَهُوَ مِمَّا عِلْمُهُ ضَرُورِيٌّ لِلنَّاسِ، إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ الْأَرْضِ وَهُوَ أَيْضًا قَدْ يُغْفَلُ عَنِ النَّظَرِ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ، وَذَلِكَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِانْتِقَالُ اسْتِطْرَادًا لِإِكْمَالِ تَنْبِيهِ النَّاسِ إِلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ.
وَعَطَفَتْ (ثُمَّ) جُمْلَةَ (اسْتَوَى) عَلَى جُمْلَةِ خَلَقَ لَكُمْ. وَلِدَلَالَةِ (ثُمَّ) عَلَى التَّرْتِيبِ وَالْمُهْلَةِ فِي عَطْفِ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ كَانَتْ فِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ لِلْمُهْلَةِ فِي الرُّتْبَةِ وَهِيَ مُهْلَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِثُمَّ أَعْرَقُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَتَضَمَّنُهُ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا حَتَّى كَأَنَّ الْعَقْلَ يَتَمَهَّلُ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ بَعْدَ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَيَنْتَبِهُ السَّامِعُ لِذَلِكَ كَيْ لَا يَغْفُلَ عَنْهُ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْكَلَامِ السَّابِقِ، وَشَاعَ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ حَتَّى صَارَ كَالْحَقِيقَةِ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ بالترتيب الرتبي وبترتب الْإِخْبَارِ (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ [الْبَلَد: 11- 13] إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَلَد: 17] فَإِنَّ قَوْلَهُ: فَكُّ رَقَبَةٍ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ هَاتِهِ الْأُمُورِ الَّتِي يَعِزُّ إِيفَاؤُهَا حَقَّهَا مِمَّا يُغْفِلُ السَّامِعَ عَنْ أَمْرٍ آخَرَ عَظِيمٍ نُبِّهَ عَلَيْهِ بِالْعَطْفِ بِثُمَّ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ آكَدُ وَأَهَمُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ يَصِفُ رَاحِلَتَهُ:
جَنُوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَتْ ... لَهَا كَتِفَاهَا فِي مُعَالًى مُصَعَّدِ (1)
فَإِنَّهُُُ

(1) جنوح بِمَعْنى تميل فِي سَيرهَا للْيَمِين واليسار لشدَّة قوتها. والدقاق- بِكَسْر الدَّال- المندفقة السّير بِمَعْنى السريعة. والعندل: عَظِيمَة الرَّأْس. وأفرعت بِمَعْنى أطيلت كتفاها. فِي معالي أَي فِي جسم. معالي أَي عَال مصعد.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست