responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 377
عَمَلُ الْمِزَاجِ فَذَلِكَ الْمَوْتُ. فَالْمَوْتُ عَدَمٌ وَالْحَيَاةُ مَلَكَةٌ وَكِلَاهُمَا مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ قَالَ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ فِي سُورَةِ الْمُلْكِ [2] .
وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ الِامْتِنَانَ بل هُوَ اسْتِدْلَالٌ مَحْضٌ ذَكَرَ شَيْئًا يَعُدُّهُ النَّاسُ نِعْمَةً وَشَيْئًا لَا يَعُدُّونَهُ نِعْمَةً وَهُوَ الْمَوْتَتَانِ فَلَا يُشْكِلُ وُقُوعُ قَوْلِهِ:
أَمْواتاً وَقَوْلِهِ: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَذَلِكَ تَفْرِيعٌ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ وَلَيْسَ هُوَ بِدَلِيلٍ إِذِ الْمُشْرِكُونَ يُنْكِرُونَ الْحَيَاةَ الْآخِرَةَ فَهُوَ إِدْمَاجٌ وَتَعْلِيمٌ وَلَيْسَ بِاسْتِدْلَالٍ، أَوْ يَكُونُ مَا قَامَ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ حَيَاةً ثَانِيَةً قَدْ قَامَ مَقَامَ الْعِلْمِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الْعِلْمُ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمَ وُجُودَ الْخَالِقِ الْعَدْلِ الْحَكِيمِ وَرَأَى النَّاسَ لَا يَجْرُونَ عَلَى مُقْتَضَى أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَيَرَى الْمُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ فِي نِعْمَةٍ وَالصَّالِحَ فِي عَنَاءٍ عَلِمَ أَنَّ عَدْلَ اللَّهِ وَحِكْمَتَهُ مَا كَانَ لِيُضِيعَ عَمَلَ عَامل وَأَن هُنَا لَك حَيَاةً أَحْكَمُ وَأَعْدَلُ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ تَكُونُ أَحْوَالُ النَّاسِ فِيهَا عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَسُمُوِّ حَقَائِقِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَيْ يَكُونُ رُجُوعُكُمْ إِلَيْهِ، شِبْهُ الْحُضُورِ لِلْحِسَابِ بِرُجُوعِ السَّائِرِ إِلَى مَنْزِلِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَكَأَنَّهُمْ صَدَرُوا مِنْ حَضْرَتِهِ فَإِذَا أَحْيَاهُمْ بَعْدَ
الْمَوْتِ فَكَأَنَّهُمْ أَرْجَعَهُمْ إِلَيْهِ وَهَذَا إِثْبَاتٌ لِلْحَشْرِ وَالْجَزَاءِ.
وَتَقْدِيمُ الْمُتَعَلِّقِ عَلَى عَامِلِهِ مُفِيدٌ الْقَصْرَ وَهُوَ قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ سِيقَ لِلْمُخَاطَبِينَ لِإِفَادَتِهِمْ ذَلِكَ إِذْ كَانُوا مُنْكِرِينَ ذَلِكَ وَفِيهِ تَأْيِيسٌ لَهُمْ مِنْ نَفْعِ أَصْنَامِهِمْ إِيَّاهُمْ إِذْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحَاجُّونَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُ إِنْ كَانَ بَعْثٌ وَحَشْرٌ فَسَيَجِدُونَ الْآلِهَةَ يَنْصُرُونَهُمْ.
وتُرْجَعُونَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَقَرَأَهُ يَعْقُوبَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ اللَّهَ أَرْجَعَهُمْ وَإِنْ كَانُوا كَارِهِينَ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ وَالْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ الرُّجُوعِ مِنْهُمْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الِاخْتِيَارِ أَوِ الْجَبْرِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 377
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست