responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 341
حَرِيصٌ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُؤْثَرَ عَنْهُ الْغَلَطُ وَالْخَطَأُ وَكَفَى بِذَلِكَ وَازِعًا عَنْ تَعَمُّدِهِ وَكَفَى بِعِلْمِهِ مَظِنَّةً لِإِصَابَةِ الصَّوَابِ فَحَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنَ الشَّهَادَةِ.
وَقَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ اعْتِرَاضٌ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَتَذْيِيلٌ. أَتَى بِإِنِ الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي الْأَصْلُ فِي شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِوُقُوعِهِ لِأَنَّ صِدْقَهُمْ غَيْرُ مُحْتَمَلِ الْوُقُوعِ وَإِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ بَشَرٍ وَأَنَّكُمْ أَتَيْتُمْ بِمِثْلِهِ.
وَالصِّدْقُ ضِدُّ الْكَذِبِ وَهُمَا وَصْفَانِ لِلْخَبَرِ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِهِمَا فَالصِّدْقُ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُ الْكَلَامِ الْخَبَرِيِّ مُطَابِقًا وَمُمَاثِلًا لِلْوَاقِعِ فِي الْخَارِجِ أَيْ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ احْتِرَازًا عَنِ الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ، وَالْكَذِبُ ضِدُّ الصِّدْقِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُ الْكَلَامِ الْخَبَرِيِّ غَيْرَ مُطَابِقٍ أَيْ غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْوَاقِعِ فِي الْخَارِجِ، وَالْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِلصِّدْقِ وَأَمَّا الْكَذِبُ فَاحْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ وَالْإِنْشَاءُ لَا يُوصَفُ بِصِدْقٍ وَلَا كَذِبٍ إِذْ لَا مَعْنَى لِمُطَابَقَتِهِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ إِيجَادٌ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ. هَذَا مَعْنَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي الْإِطْلَاقِ الْمَشْهُورِ. وَقَدْ يُطْلَقُ الْكَذِبُ صِفَةَ ذَمٍّ فَيُلَاحَظُ فِي مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ لِلْوَاقِعِ كَانَتْ عَنْ تَعَمُّدٍ فَتَوَّهَمَ الْجَاحِظُ أَنَّ مَاهِيَّةَ الْكَذِبِ تَتَقَوَّمُ مِنْ عَدَمِ مُطَابَقَةِ الْخَبَرِ لِلْوَاقِعِ وَلِلِاعْتِقَادِ مَعًا وَسَرَى هَذَا التَّقَوُّمُ إِلَى مَاهِيَّةِ الصِّدْقِ فَجَعَلَ قِوَامَهَا الْمُطَابَقَةَ لِلْخَارِجِ وَالِاعْتِقَادَ مَعًا وَمِنْ هُنَا أَثْبَتَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ
الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ الرَّاغِبِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا وَمَحَلُّ بَسْطِهِ فِي عِلْمَيِ الْأُصُولِ وَالْبَلَاغَةِ.
وَالْمَعْنَى إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي دَعْوَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ بَشَرٍ، فَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ (صَادِقِينَ) لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مُقَدَّرَةٌ بَعْدَ جُمْلَةِ: وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِذِ التَّقْدِيرُ فَتَأْتُونَ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَدَلَّ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُقَدَّرَةِ قَوْلُهُ قَبْلَهَا: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمُقَدَّرَةُ دَلِيلًا عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ فَتَصِيرُ جُمْلَةُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ تَكْرِيرًا لِلتَّحَدِّي.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِثَارَةٌ لِحَمَاسِهِمْ إِذْ عَرَّضَ بِعَدَمِ صِدْقِهِمْ فَتَتَوَفَّرُ دَوَاعِيهِمْ على الْمُعَارضَة.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست