responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 334
وَ (مِنَ) الَّتِي فِي قَوْلِهِ: مِنَ الثَّمَراتِ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ إِذْ لَيْسَ التَّبْعِيضُ مُنَاسِبًا لِمَقَامِ الِامْتِنَانِ بَلْ إِمَّا لِبَيَانِ الرِّزْقِ الْمُخْرَجِ، وَتَقْدِيمُ الْبَيَانِ عَلَى الْمُبَيَّنِ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَإِمَّا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ تَعَلُّقِ الْإِخْرَاجِ بِالثَّمَرَاتِ.
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
أَتَتِ الْفَاءُ لِتَرْتِيبِ هَاتِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالْعِبَادَةِ وَ (لَا) نَاهِيَةٌ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ وَلَيْسَتْ نَافِيَةً حَتَّى يَكُونَ الْفِعْلُ مَنْصُوبًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ مِنْ قَوْلِهِ: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَالْمُرَادُ هُنَا تَسَبُّبُهُ الْخَاصُّ وَهُوَ حُصُولُهُ عَنْ دَلِيلٍ يُوجِبُهُ وَهُوَ أَنَّ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِعِبَادَتِهِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْإِفْرَادِ بِهَا فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ ضِدِّ الْعِبَادَةِ لِأَنَّ ضِدَّ الْعِبَادَةَ عَدَمُ الْعِبَادَةِ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِشْرَاكُ لِلْمَعْبُودِ فِي الْعِبَادَةِ يُشْبِهُ تَرْكَ الْعِبَادَةِ جُعِلَ تَرْكُ الْإِشْرَاكِ مُسَاوِيًا لِنَقِيضِ الْعِبَادَةِ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ مَا هُوَ إِلَّا تَرْكٌ لِعِبَادَةِ اللَّهِ فِي أَوْقَاتِ تَعْظِيمِ شُرَكَائِهِمْ.
وَالنِّدُّ بِكَسْرِ النُّونِ الْمُسَاوِي وَالْمُمَاثِلُ فِي أَمْرٍ مِنْ مَجْدٍ أَوْ حَرْبٍ، وَزَادَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ مُنَاوِئًا أَيْ مُعَادِيًا، وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى اشْتِقَاقِهِ مِنْ نَدَّ إِذَا نَفَرَ وَعَانَدَ، وَلَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ كَوْنِهِ اسْمًا جَامِدًا وَأَظُنُّ أَنَّ وَجْهَ دَلَالَةِ النِّدِّ عَلَى الْمُنَاوَأَةِ وَالْمُضَادَّةِ أَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ الْمُمَاثَلَةِ عُرْفًا عِنْد الْعَرَب، فَإِن شَأْنُ الْمِثْلِ عِنْدَهُمْ أَنْ يُنَافِسَ مُمَاثِلَهُ وَيُزَاحِمَهُ فِي مُرَادِهِ فَتَحْصُلُ الْمُضَادَّةُ. وَنَظِيرُهُ فِي عَكْسِهِ تَسْمِيَتُهُمُ الْمُمَاثِلَ قَرِيعًا، فَإِنَّ الْقَرِيعَ هُوَ الَّذِي يُقَارِعُ وَيُضَارِبُ وَلَمَّا كَانَ أَحَدٌ لَا يَتَصَدَّى لِمُقَارَعَةِ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ لِخَشْيَتِهِ وَلَا مَنْ هُوَ دُونَهُ لِاحْتِقَارِهِ كَانَتِ الْمُقَارَعَةُ مُسْتَلْزِمَةً لِلْمُمَاثِلَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ قِرْنٌ لِلْمُحَارِبِ الْمُكَافِئِ فِي الشَّجَاعَةِ. وَيُقَالُ جَعَلَ لَهُ نِدًّا، إِذَا سَوَّى غَيْرَهُ بِهِ.
وَالْمَعْنَى لَا تُثْبِتُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا تَجْعَلُونَهَا جَعْلًا وَهِيَ لَيْسَتْ أَنْدَادًا وَسَمَّاهَا أَنْدَادًا تَعْرِيضًا بِزَعْمِهِمْ لِأَنَّ حَالَ الْعَرَبِ فِي عِبَادَتِهِمْ لَهَا كَحَالِ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهَا وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِنَّ الْآلِهَةَ شُفَعَاءُ وَيَقُولُونَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ، وَجَعَلُوا اللَّهَ خَالِقَ الْآلِهَةِ فَقَالُوا فِي التَّلْبِيَةِ: «لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ» لَكِنَّهُمْ لَمَّا عَبَدُوهَا وَنَسُوا بِعِبَادَتِهَا وَالسَّعْيِ إِلَيْهَا وَالنُّذُورِ عِنْدَهَا وَإِقَامَةِ الْمَوَاسِمِ حَوْلَهَا عِبَادَةَ اللَّهِ، أَصْبَحَ عَمَلُهُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست