responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 236
الْمَاءِ وَاحْتِطَابِ الْحَطَبِ وَالصَّيْدِ وَجَنْيِ الثِّمَارِ وَالْتِقَاطِ مَا لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَلَا هُوَ كَائِنٌ فِي مِلْكِ أَحَدٍ، وَمِثْلُ خِدْمَتِهِ بِقُوَّتِهِ مِنْ حَمْلِ ثِقْلٍ وَمَشْيٍ لِقَضَاءِ شُؤُونِ مَنْ يُؤَجِّرُهُ وَانْحِبَاسٍ لِلْحِرَاسَةِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يَصْنَعُ أَشْيَاءَ مِنْ مَوَادَّ يَمْلِكُهَا وَلَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَالْخَبْزِ وَالنَّسْجِ وَالتَّجْرِ وَتَطْرِيقِ الْحَدِيدِ وَتَرْكِيبِ الْأَطْعِمَةِ وَتَصْوِيرِ الْآنِيَةِ مِنْ طِينِ الْفَخَّارِ، أَوْ كَانَ مِمَّا أَنْتَجَهُ مِثْلَ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ وَالتَّوْلِيدِ، أَوْ مِمَّا ابْتَكَرَهُ بِعَقْلِهِ مِثْلَ التَّعْلِيمِ وَالِاخْتِرَاعِ وَالتَّأْلِيفِ وَالطِّبِّ وَالْمُحَامَاةِ وَالْقَضَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْوَظَائِفِ وَالْأَعْمَالِ الَّتِي لِنَفْعِ الْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ، أَوْ مِمَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مَالِكُ رِزْقٍ مِنْ هِبَاتٍ وَهَدَايَا وَوَصَايَا، أَوْ أُذِنٍ بِالتَّصَرُّفِ كَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ، أَوْ كَانَ مِمَّا نَالَهُ بِالتَّعَارُضِ كَالْبُيُوعِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْأَكْرِيَةِ وَالشَّرِكَاتِ وَالْمُغَارَسَةِ، أَوْ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ مَنْ مَالٍ انْعَدَمَ صَاحِبُهُ بِكَوْنِهِ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ كَالْإِرْثِ. وَتَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ الْمَشْرُوطِ، وَحَقُّ الْخُمُسِ فِي الرِّكَازِ. فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا شَمِلَهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: مِمَّا رَزَقْناهُمْ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ وَلَا لِمَجْمُوعِ النَّاسِ حَقٌّ فِيمَا جَعَلَهُ اللَّهُ رِزْقَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي مَالٍ لَمْ يَسْعَ لِاكْتِسَابِهِ بِوَسَائِلِهِ
وَقَدْ جَاءَتْ هِنْد بنت عقبَة زَوْجُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ أُنْفِقُ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا فَقَالَ لَهَا:
«لَا إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ»
أَيْ إِلَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ تَتَصَرَّفُ فِيهِ الزَّوْجَةُ مِمَّا فِي بَيْتِهَا مِمَّا وَضَعَهُ الزَّوْجُ فِي بَيْتِهِ لِذَلِكَ دُونَ مُسَارَقَةٍ وَلَا خِلْسَةٍ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ الْمَعْمُولِ عَلَى عَامِلِهِ وَهُوَ يُنْفِقُونَ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ بِالرِّزْقِ فِي عُرْفِ النَّاسِ فَيَكُونُ فِي التَّقْدِيمِ إِيذَانٌ بِأَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ مَعَ مَا لِلرِّزْقِ مِنَ الْمَعَزَّةِ عَلَى النَّفْسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ [الْإِنْسَان: 8] ، مَعَ رَعْيِ فَوَاصِلِ الْآيَاتِ عَلَى
حَرْفِ النُّونِ، وَفِي الْإِتْيَانِ بِمِنَ الَّتِي هِيَ لِلتَّبْعِيضِ إِيمَاءٌ إِلَى كَوْنِ الْإِنْفَاقِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا هُوَ إِنْفَاقُ بَعْضِ الْمَالِ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تُكَلِّفِ النَّاسَ حَرَجًا، وَهَذَا الْبَعْضُ يَقِلُّ وَيَتَوَفَّرُ بِحَسَبِ أَحْوَالِ الْمُنْفِقِينَ. فَالْوَاجِبُ مِنْهُ مَا قَدَّرَتِ الشَّرِيعَةُ نُصُبَهُ وَمَقَادِيرَهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَإِنْفَاقِ الْأَزْوَاجِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْعَبِيدِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ لَا يَنْضَبِطُ تَحْدِيدُهُ وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ، وَلَمْ يُشَرِّعِ الْإِسْلَامُ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمُسْلِمِ مَا ارْتَزَقَهُ وَاكْتَسَبَهُ إِلَى يَدِ غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا اخْتِيرَ ذِكْرُ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا شُرِعَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَكَانَتْ شِعَارَ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُمَا أَقْدَمُ الْمَشْرُوعَاتِ وَهُمَا أُخْتَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست