responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 64
وَجَمِيعٌ مُحْضَرُونَ هُنَا عَلَى الْمَعْنَى، كَمَا أُفْرِدَ مُنْتَصِرٌ عَلَى اللَّفْظِ، وَكِلَاهُمَا بَعْدَ جَمِيعٍ يُرَاعَى فِيهِ الْفَوَاصِلُ.
وَجَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَعْدَ ذِكْرِ الْإِهْلَاكِ تَبْيِينًا أَنَّهُ تعالى ليس من أهله يُتْرَكُ، بَلْ بَعْدَ إِهْلَاكِهِمْ جَمْعٌ وَحِسَابٌ وَثَوَابٌ وَعِقَابٌ، وَلِذَلِكَ أَعْقَبَ هَذَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَشْرِ مِنْ قَوْلُهُ:
وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْآيَاتِ. وَبَدَأَ بِالْأَرْضِ، لِأَنَّهَا مُسْتَقَرُّهُمْ، حَرَكَةً وَسُكُونًا، حَيَاةً وَمَوْتًا. وَمَوْتُ الْأَرْضِ جَدْبُهَا، وَإِحْيَاؤُهَا بِالْغَيْثِ. وَالضَّمِيرُ فِي لَهُمْ عَائِدٌ عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ فِي إِنْكَارِ الْحَشْرِ. وأَحْيَيْناها: اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِكَوْنِ الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ آيَةٌ، وَكَذَلِكَ نَسْلَخُ. وَقِيلَ: أَحْيَيْنَاهَا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهَا آيَةٌ بِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْإِعْلَامِ، وَيَكُونُ آيَةٌ خَبَرًا مُقَدَّمًا، وَالْأَرْضُ الْمَيْتَةُ مُبْتَدَأٌ فالنية بآية التَّأْخِيرُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَالْأَرْضُ الْمَيْتَةُ آيَةٌ لَهُمْ مُحْيَاةً كَقَوْلِكَ: قَائِمٌ زَيْدٌ مُسْرِعًا، أَيْ زَيْدٌ قَائِمٌ مُسْرِعًا، وَلَهُمْ متعلق بآية، لَا صِفَةٌ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ الْأَرْضُ وَاللَّيْلُ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِمَا الْجِنْسَانِ مُطْلَقَيْنِ لَا أَرْضٌ، وَلَيْلٌ بِإِحْيَائِهِمَا، فَعُومِلَا مُعَامَلَةَ النَّكِرَاتِ فِي وَصْفِهَا بِالْأَفْعَالِ وَنَحْوِهِ:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي انْتَهَى.
وَهَذَا هَدْمٌ لِمَا اسْتَقَرَّ عِنْدَ أَئِمَّةِ النَّحْوِ مِنْ أَنَّ النَّكِرَةَ لَا تُنْعَتُ إِلَّا بِالنَّكِرَةِ، وَالْمَعْرِفَةَ لَا تُنْعَتُ إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ، وَلَا دَلِيلَ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا يَسُبُّنِي فَحَالٌ، أي سابا لِي، وَقَدْ تَبِعَ الزَّمَخْشَرِيُّ ابْنَ مَالِكٍ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّسْهِيلِ مِنْ تَأْلِيفِهِ. وَفِي هَذِهِ الْجُمَلِ تَعَدُّدٌ نَعَمْ إِحْيَاؤُهَا بِحَيْثُ تَصِيرُ مُخْضَرَّةً تُبْهِجُ النَّفْسَ وَالْعَيْنَ، وَإِخْرَاجُ الْحَبِّ مِنْهَا حَيْثُ صَارَ مَا يَعِيشُونَ بِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُسْتَقِرُّونَ، لَا فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الْهَوَاءِ، وَجَعَلَ الْحَبَّاتِ لِأَنَّهُمْ أَكَلُوا مِنَ الْحَبِّ، وَرُبَّمَا تَاقَتِ النَّفْسُ إِلَى النَّقْلَةِ، فَالْأَرْضُ يُوجَدُ مِنْهَا الْحَبُّ، وَالشَّجَرُ يُوجَدُ مِنْهُ الثَّمَرُ، وَتَفْجِيرُ الْعُيُونِ يَحْصُلُ بِهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى تَحْصِيلِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ، وَلَوْ كَانَ مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يُدْرَ أَيْنَ يُغْرَسُ وَلَا أَيْنَ يَقَعُ الْمَطَرُ. وَقَرَأَ جَنَاحُ بْنُ حُبَيْشٍ: وَفَجَّرْنا بِالتَّخْفِيفِ، وَالْجُمْهُورُ: بِالتَّشْدِيدِ. ومِنْ ثَمَرِهِ بِفَتْحَتَيْنِ وَطَلْحَةُ، وَابْنُ وَثَّابٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: بِضَمَّتَيْنِ وَالْأَعْمَشُ: بِضَمِّ الثَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَالضَّمِيرُ فِي ثَمَرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَاءِ، قِيلَ: لِدَلَالَةِ الْعُيُونِ عَلَيْهِ وَلِكَوْنِهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ مِنْ مَاءِ الْعُيُونِ وَقِيلَ:

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست