responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 538
أَثَّرَ فِيهِ، وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ: أَيْ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنِّي، فَهُوَ الَّذِي اسْتَحَبَّ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى، كَقَوْلِهِ: وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [1] ، وَكَذَّبَ الْقَرِينَ، قَدْ أَطْغَاهُ بِوَسْوَسَتِهِ وَتَزْيِينِهِ. قالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ: اسْتِئْنَافٌ أَيْضًا مِثْلُ قَالَ قَرِينُهُ، كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى؟ فَقِيلَ: لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ أَيْ فِي دَارِ الْجَزَاءِ وَمَوْقِفِ الْحِسَابِ. وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ لِمَنْ عَصَانِي، فَلَمْ أَتْرُكْ لَكُمْ حُجَّةً.
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ: أَيْ عِنْدِي، فَمَا أَمْضَيْتُهُ لَا يُمْكِنُ تَبْدِيلُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
مَا يُكَذَّبُ لَدَيَّ لِعِلْمِي بِجَمِيعِ الْأُمُورِ. وَقَدَّمْتُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى تَقَدَّمْتُ، أَيْ قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلِي لَكُمْ مُلْتَبِسًا بِالْوَعِيدِ، أَوْ يَكُونَ قَدَّمَ الْمُتَعَدِّيَةِ، وبالوعيد هُوَ الْمَفْعُولُ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيمُ كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَنَهْيُهُمْ عَنِ الِاخْتِصَامِ فِي الْآخِرَةِ، فَاخْتَلَفَ الزَّمَانَانِ. فَلَا تَكُونَ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدْ قَدَّمْتُ حَالًا إِلَّا عَلَى تَأْوِيلِ، أَيْ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَكُمْ أَنِّي قَدَّمْتُ، وَصِحَّةُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، فَاتَّفَقَ زَمَانُ النَّهْيِ عَنِ الِاخْتِصَامِ، وَصِحَّةُ التَّقْدِيمِ بِالْحَالِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مُقَارَنَةً. وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ: تَقَدَّمَ شَرْحُ مِثْلِهِ فِي أَوَاخِرِ آلِ عِمْرَانَ، وَالْمَعْنَى:
لَا أُعَذِّبُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ.
وَقَرَأَ يَوْمَ يَقُولُ، بِيَاءِ الْغَيْبَةِ الْأَعْرَجُ، وَشَيْبَةُ، وَنَافِعٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَأَبُو رَجَاءٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِالنُّونِ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالْحَسَنُ، وَالْأَعْمَشُ أَيْضًا:
يُقَالُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَانْتِصَابُ يَوْمَ بِظَلَّامٍ، أَوْ بِاذْكُرْ، أَوْ بِأَنْذِرْ كَذَلِكَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِنُفِخَ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يَوْمَ نَقُولُ، وَعَلَى هَذَا يُشَارُ بِذَلِكَ إِلَى يَوْمَ يَقُولُ. انْتَهَى، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا، قَدْ فُصِلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ بِجُمَلٍ كَثِيرَةٍ، فَلَا يُنَاسِبُ هَذَا الْقَوْلُ فَصَاحَةَ القرآن وبلاغته. وهَلِ امْتَلَأْتِ: تَقْرِيرٌ وَتَوْقِيفٌ، لَا سُؤَالُ اسْتِفْهَامٍ حَقِيقَةً، لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِأَحْوَالِ جَهَنَّمَ. قِيلَ: وَهَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مِنْهَا حَقِيقَةً. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ نَقُولُ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ، قَالَهُ الرُّمَّانِيُّ: وَقِيلَ:
السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مِنْ بَابِ التَّصْوِيرِ الَّذِي يَثْبُتُ الْمَعْنَى، أَيْ حَالُهَا حَالُ مَنْ لَوْ نَطَقَ بِالْجَوَابِ لِسَائِلِهِ لَقَالَ كَذَا، وَهَذَا الْقَوْلُ يُظْهِرُ أَنَّهَا إِذْ ذَاكَ لَمْ تَكُنْ مَلْأَى. فَقَوْلُهَا: مِنْ مَزِيدٍ، سُؤَالٌ وَرَغْبَةٌ فِي الزِّيَادَةِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنَ الدَّاخِلِينَ فِيهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعَمْرٌو، وَوَاصِلٌ:

[1] سورة إبراهيم: 14/ 22.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 538
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست