responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 53
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اضْرِبْ مَعَ الْمَثَلُ فِي قَوْلِهِ: أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً [1] ، وَالْقَرْيَةُ: أَنْطَاكِيَةُ، فَلَا خِلَافَ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ. إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ: هُمْ ثَلَاثَةٌ، جَمَعَهُمْ فِي الْمَجِيءِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي زَمَنِ الْمَجِيءِ. إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ.
الظَّاهِرُ مِنْ أَرْسَلْنَا أَنَّهُمْ أَنْبِيَاءُ أَرْسَلَهُمُ الله، ويدل عليه قوله الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ: مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا. وَهَذِهِ الْمُحَاوَرَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ مَنْ أَرْسَلَهُ اللَّهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَعْبٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ: بَعَثَهُمْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رُفِعَ وَصُلِبَ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ الشَّبَهُ، فَافْتَرَقَ الْحَوَارِيُّونَ فِي الْآفَاقِ، فَقَصَّ اللَّهُ قِصَّةَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، وَكَانَ أَهْلُهَا عُبَّادَ أَصْنَامٍ، صَادِقٌ وَصَدُوقٌ، قَالَهُ وَهْبٌ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ. وَحَكَى النَّقَّاشُ بْنُ سَمْعَانَ:
وَيُحَنَّا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: تُومَانُ وَيُونُسُ. فَكَذَّبُوهُما، أَيْ دَعْوَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَأَخْبَرَا بِأَنَّهُمَا رَسُولَا اللَّهِ، فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ: أَيْ قَوَّيْنَا وَشَدَّدْنَا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقَالَ:
يُقَالُ تَعَزَّزَ لَحْمُ النَّاقَةِ إِذَا صَلُبَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ الْمَطَرُ يُعَزِّزُ الْأَرْضَ إِذَا لَبَدَهَا وَشَدَّهَا، وَيُقَالُ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الْقُرْآنُ، هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ تَشْدِيدِ الزَّايِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْمُفَضَّلُ، وَأَبَانٌ: بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: فَغَلَبْنَا.
انْتَهَى، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَنْ عَزَّنِي، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ [2] . وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: بِالثَّالِثِ، بِأَلِفٍ وَلَامٍ، وَالثَّالِثُ شَمْعُونُ الصَّفَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ كَعْبٌ، وَوَهْبٌ: شَلُومُ وَقِيلَ: يُونُسُ. وَحُذِفَ مَفْعُولُ فَعَزَّزْنَا مُشَدَّدًا، أَيْ قَوَّيْنَاهُمَا بِثَالِثٍ مُخَفَّفًا، فَغَلَبْنَاهُمْ: أَيْ بِحُجَّةِ ثَالِثٍ وَمَا يَلْطُفُ بِهِ مِنَ التَّوَصُّلِ إِلَى الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ حَتَّى مِنَ الْمَلِكِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي قِصَّتِهِمْ، وَسَتَأْتِي هِيَ أَوْ بَعْضٌ مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَجَاءَ أَوَّلًا مُرْسَلُونَ بِغَيْرِ لَامٍ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ إِخْبَارٍ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَوْكِيدٍ بَعْدَ الْمُحَاوَرَةِ. لَمُرْسَلُونَ بِلَامِ التَّوْكِيدِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ إِنْكَارٍ، وَهَؤُلَاءِ أُمَّةٌ أَنْكَرَتِ النُّبُوَّاتِ بِقَوْلِهَا: وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ، وراجعتهم الرُّسُلُ بِأَنْ رَدُّوا الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ وَقَنَعُوا بِعِلْمِهِ، وَأَعْلَمُوهُمْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا عَلَيْهِمُ الْبَلَاغُ فَقَطْ، وَمَا عَلَيْهِمْ مِنْ هُدَاهُمْ وَضَلَالِهِمْ، وَفِي هَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ. وَوُصِفَ الْبَلَاغُ بِالْمُبِينِ، وَهُوَ الْوَاضِحُ بِالْآيَاتِ الشَّاهِدَةِ بِصِحَّةِ الْإِرْسَالِ، كَمَا رُوِيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ مِنْ إِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ.
قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ: أي تشاء منا. قَالَ مُقَاتِلٌ: احْتَبَسَ عَلَيْهِمُ الْمَطَرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَسْرَعَ فِيهِمُ الْجُذَامُ عِنْدَ تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَطَيُّرَ هَؤُلَاءِ كان

[1] سورة البقرة: 2/ 26.
[2] سورة ص: 38/ 23.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست