responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 523
عَلَى اللَّهِ» ، ثُمَّ قَرَأَ الآية.
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ» .
وَمَا زَالَ التَّفَاخُرُ بِالْأَنْسَابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَبِالْبِلَادِ وَبِالْمَذَاهِبِ وَبِالْعُلُومِ وَبِالصَّنَائِعِ، وَأَكْثَرُهُ بِالْأَنْسَابِ:
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ إِلَى عَاقِلٍ ... فُرُوعٌ عَنِ الْمَجْدِ مسأخره
إِذَا سُئِلُوا مَا لَهُمْ مِنْ عُلًا ... أَشَارُوا إِلَى أَعْظَمِ نَاخِرَهْ
وَمِنْ ذَلِكَ: افْتِخَارُ أَوْلَادِ مَشَايِخِ الزَّوَايَا الصُّوفِيَّةِ بِآبَائِهِمْ، وَاحْتِرَامُ النَّاسِ لَهُمْ بِذَلِكَ وَتَعْظِيمُهُمْ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَادُ بِخِلَافِ الْآبَاءِ فِي الدِّينِ وَالصَّلَاحِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: إِنَّ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَابْنُ عَبَّاسٍ: بِفَتْحِهَا، وَكَانَ قَرَأَ: لِتَعْرِفُوا، مُضَارِعُ عَرَفَ، فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ أَنَّ مَعْمُولَةً لِتَعْرِفُوا، وَتَكُونَ اللَّامُ فِي لِتَعْرِفُوا لَامَ الْأَمْرِ، وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ لَامَ كَيْ، فَلَا يَظْهَرُ الْمَعْنَى أَنَّ جَعْلَهُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِأَنْ تَعْرِفُوا أَنَّ الْأَكْرَمَ هُوَ الْأَتْقَى.
فَإِنْ جَعَلْتَ مَفْعُولَ لِتَعْرِفُوا مَحْذُوفًا، أَيْ لِتَعْرِفُوا الْحَقَّ، لِأَنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، سَاغَ فِي لَامِ لِتَعَارَفُوا أَنْ تَكُونَ لَامُ كَيْ.
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا، قَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَبِيلَةٌ تُجَاوِرُ الْمَدِينَةَ، أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ وَقُلُوبُهُمْ دِخْلَةٌ، إِنَّمَا يُحِبُّونَ الْمَغَانِمَ وَعَرَضَ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: مُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَأَشْجَعُ وَغِفَارٌ قَالُوا آمَنَّا فَاسْتَحْقَقْنَا الْكَرَامَةَ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:
قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا، أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فِي دَعْوَى الْإِيمَانِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِإِكْذَابِهِمْ بِلَفْظِهِ، بَلْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنِ انْتِفَاءِ إِيمَانِهِمْ، وَهَذَا فِي أَعْرَابٍ مَخْصُوصِينَ. فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [1] الْآيَةَ.
وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، فَهُوَ اللَّفْظُ الصَّادِقُ مِنْ أَقْوَالِكُمْ، وَهُوَ الِاسْتِسْلَامُ والانقياد ظاهرا، ولم يواطىء أَقْوَالَكُمْ مَا فِي قُلُوبِكُمْ، فَلِذَلِكَ قَالَ: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ: وَجَاءَ النَّفْيُ بِلَمَّا الدَّالَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الشَّيْءِ إِلَى زَمَانِ الْإِخْبَارِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ:
لَمْ تُؤْمِنُوا لَا يُرَادُ بِهِ انْتِفَاءُ الْإِيمَانِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي، بَلْ مُتَّصِلًا بِزَمَانِ الْإِخْبَارِ أَيْضًا، لِأَنَّكَ إِذَا نَفَيْتَ بِلَمْ، جَازَ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ قَدِ انْقَطَعَ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ وَقَدْ قَامَ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُتَّصِلًا بِزَمَنِ الْإِخْبَارِ. فَإِذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِزَمَنِ الْإِخْبَارِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ تَقُولَ: وَقَدْ قَامَ، لِتَكَاذُبِ الْخَبَرَيْنِ. وَأَمَّا لَمَّا، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الشيء متصلا بزمان

[1] سورة التوبة: 9/ 99.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 523
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست