responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 499
اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً.
رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتِ الرُّؤْيَا بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ دَخَلُوا مَكَّةَ آمِنِينَ، وَقَدْ حَلَقُوا وَقَصَّرُوا. فَقَصَّ الرُّؤْيَا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ دَاخِلُوهَا فِي عَامِهِمْ، وَقَالُوا: إِنَّ رُؤْيَا رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ. فَلَمَّا تَأَخَّرَ ذَلِكَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُفَيْلٍ، وَرِفَاعَةُ بْنُ الْحَارِثِ: وَاللَّهِ مَا حَلَقْنَا وَلَا قَصَّرْنَا وَلَا رَأَيْنَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. فَنَزَلَتْ.
وَرُوِيَ أَنَّ رُؤْيَاهُ كَانَتْ: أَنَّ مَلَكًا جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ:
لَتَدْخُلُنَّ. الْآيَةَ.
وَمَعْنَى صَدَقَ اللَّهُ: لَمْ يَكْذِبْهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ الْكَذِبِ وَعَنْ كُلِّ قَبِيحٍ.
وَصَدَقَ يَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، الثَّانِي بِنَفْسِهِ وَبِحَرْفِ الْجَرِّ. تَقُولُ: صَدَقْتُ زَيْدًا الْحَدِيثَ، وَصَدَقْتُهُ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ عَدَّهَا بَعْضُهُمْ فِي أَخَوَاتِ اسْتَغْفَرَ وَأَمَرَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
فَحَذَفَ الْجَارَّ وَأَوْصَلَ الْفِعْلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [1] . انْتَهَى. فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ حَرْفُ الْجَرِّ. وَبِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ صِدْقًا مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ.
لَتَدْخُلُنَّ: اللَّامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ جَعَلَهُ جَوَابَ بِالْحَقِّ وَبِالْحَقِّ قَسَمٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِصِدْقٍ، وَتَعْلِيقُهُ على المسيئة، قِيلَ: لِأَنَّهُ حِكَايَةُ قَوْلِ الْمَلَكِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ ابْنُ كَيْسَانَ. وَقِيلَ: هَذَا التَّعْلِيقُ تَأَدُّبٌ بِآدَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْمَوْعُودُ بِهِ مُتَحَقِّقَ الْوُقُوعِ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [2] .
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اسْتَثْنَى فِيمَا يَعْلَمُ لِيَسْتَثْنِيَ الْخَلْقُ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ:
كَانَ اللَّهُ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ الَّذِينَ كَانُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ يَمُوتُ، فَوَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ لِهَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَوْمٌ: إِنْ بِمَعْنَى إِذْ، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ: «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» . وَقِيلَ:
هُوَ تَعْلِيقٌ فِي قَوْلِهِ: آمِنِينَ، لَا لِأَجْلِ إِعْلَامِهِ بِالدُّخُولِ، فَالتَّعْلِيقُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَوْضِعِهِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُخْرِجُ التَّعْلِيقَ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّقًا عَلَى وَاجِبٍ، لِأَنَّ الدُّخُولَ وَالْأَمْنَ أَخْبَرَ بِهِمَا تَعَالَى، وَوَقَعَتِ الثِّقَةُ بِالْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الدُّخُولُ وَالْأَمْنُ الَّذِي هُوَ قَيْدٌ فِي الدخول. وآمِنِينَ:
حَالٌ مُقَارِنَةٌ لِلدُّخُولِ. وَمُحَلِّقِينَ وَمُقَصِّرِينَ: حَالٌ مُقَدَّرَةٌ وَلَا تَخَافُونَ: بَيَانٌ لِكَمَالِ الْأَمْنِ بعد تمام الحج.

[1] سورة الأحزاب: 33/ 32.
[2] سورة الكهف: 18/ 23.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست