responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 482
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً، وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً، لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً، وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً. وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً، إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً، لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.
هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَلَعَلَّ بَعْضًا مِنْهَا نَزَلَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِطَرِيقِ مُنْصَرَفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْحُدَيْبِيَةِ، سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَهِيَ تُعَدُّ فِي الْمَدَنِيِّ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَقَدَّمَ: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا [1] الآية، وهي خِطَابٌ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ، أَخْبَرَ رَسُولَهُ بِالْفَتْحِ الْعَظِيمِ، وَأَنَّهُ بِهَذَا الْفَتْحِ حَصَلَ الِاسْتِبْدَالُ، وَآمَنَ كُلُّ مَنْ كَانَ بِهَا، وَصَارَتْ مَكَّةُ دَارَ إِيمَانٍ. وَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، تَكَلَّمَ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا وَدِينُهُ حق، مَا صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ، وَلَكَانَ فَتْحُ مَكَّةَ. فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَضَافَ عَزَّ وَجَلَّ الْفَتْحَ إِلَى نَفْسِهِ، إِشْعَارًا بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لَا بِكَثْرَةِ عَدَدٍ وَلَا عُدَدٍ، وَأَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مُبِينٌ، مُظْهِرٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ النَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الفتح هو فتح مكة. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِآخِرِ السُّورَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ لَمَّا قَالَ: هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ [2] الْآيَةَ، بَيَّنَ أَنَّهُ فَتَحَ لَهُمْ مَكَّةَ، وَغَنِمُوا وَحَصَلَ لَهُمْ أَضْعَافُ مَا أَنْفَقُوا وَلَوْ بَخِلُوا، لَضَاعَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ بُخْلُهُمْ إِلَّا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. وَأَيْضًا لَمَّا قَالَ: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ [3] ، بَيَّنَ بُرْهَانَهُ بِفَتْحِ مَكَّةَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا هُمُ الْأَعْلَيْنِ.
وَأَيْضًا لَمَّا قَالَ: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ [4] ، كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْهُمْ وَهَنٌ، وَلَا دَعُوا إِلَى صُلْحٍ، بَلْ أَتَى صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ مُسْتَأْمِنِينَ مُسْتَسْلِمِينَ مُسَلِّمِينَ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْبُشْرَى بِلَفْظِ الْمَاضِي، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ، لِأَنَّ إِخْبَارَهُ تَعَالَى بِذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، وَكَوْنُ هَذَا الْفَتْحِ هُوَ فَتْحَ مَكَّةَ بَدَأَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ فَتْحُ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَالَهُ:
السُّدِّيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. انْتَهَى. وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ قتال

[1] سورة محمد: 47/ 38.
[2] سورة محمد: 47/ 38.
[3] سورة محمد: 47/ 35.
[4] سورة محمد: 47/ 35.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست