responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 441
لَا يُفْلِحُ.
قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ: وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ. وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي: سَأَلَ أَنْ يَجْعَلَ ذُرِّيَّتَهُ مَوْقِعًا لِلصَّلَاحِ وَمَظِنَّةً لَهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: هَبْ لِيَ الصَّلَاحَ فِي ذُرِّيَّتِي، فَأَوْقَعَهُ فِيهِمْ، أَوْ ضَمَّنَ: وَأَصْلِحْ لِي مَعْنَى: وَالْطُفْ بِي فِي ذُرِّيَّتِي، لِأَنَّ أَصْلِحْ يَقْتَدِي بِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ:
وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ [1] ، فلذلك احتج قَوْلُهُ: فِي ذُرِّيَّتِي إِلَى التَّأْوِيلِ. قِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بِكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَتَنَاوَلُ مَنْ بَعْدَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَأَبُوهُ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ. وَلِقَوْلِهِ: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا: فَلَمْ يُقْصَدْ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَلَا غَيْرُهُ. وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ الْجِنْسُ، وَلِذَلِكَ أشار يقوله: أُولئِكَ جَمْعًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
يُتَقَبَّلُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، أَحْسَنُ رَفْعًا، وَكَذَا وَيُتَجَاوَزُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ وَثَّابٍ، وَطَلْحَةُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْأَعْمَشُ: بِخِلَافٍ عَنْهُ. وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ: نَتَقَبَّلُ أَحْسَنَ نَصْبًا، وَنَتَجَاوَزُ بِالنُّونِ فِيهِمَا وَالْحَسَنُ، وَالْأَعْمَشُ، وَعِيسَى: بِالْيَاءِ فِيهِمَا مَفْتُوحَةً وَنَصْبِ أَحْسَنَ.
فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ، قِيلَ: فِي بِمَعْنَى مَعَ وَقِيلَ: هُوَ نَحْوُ قَوْلِكَ: أَكْرَمَنِي الْأَمِيرُ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، يُرِيدُ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَكْرَمَ مِنْهُمْ، وَمَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ عَلَى مَعْنَى كَائِنِينَ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ. وَانْتَصَبَ وَعْدَ الصِّدْقِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ، وَعْدٌ مِنْهُ تَعَالَى بِالتَّقَبُّلِ وَالتَّجَاوُزِ، لَمَّا ذَكَرَ الْإِنْسَانَ الْبَارَّ بِوَالِدَيْهِ وَمَا آلَ إِلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، ذَكَرَ الْعَاقَّ بِوَالِدَيْهِ وَمَا آلَ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ.
وَالْمُرَادُ بِالَّذِي: الْجِنْسُ، وَلِذَلِكَ جَاءَ الْخَبَرُ مَجْمُوعًا فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْكَافِرُ الْعَاقُّ بِوَالِدَيْهِ الْمُنْكِرُ الْبَعْثَ. وَقَوْلُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَاتَّبَعَهُ قَتَادَةُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَوْلٌ خطأ ناشىء عَنْ جَوْرٍ، حِينَ دَعَا مَرْوَانُ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، إِلَى مُبَايَعَةِ يَزِيدَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: جَعَلْتُمُوهَا هِرَقْلِيَّةً؟ كُلَّمَا مَاتَ هِرَقْلُ وَلِيَ ابْنُهُ، وَكُلَّمَا مَاتَ قَيْصَرُ وَلِيَ ابْنُهُ؟ فَقَالَ مَرْوَانُ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ أُخْتِهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَدْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ فَقَالَتْ، وَهِيَ الْمَصْدُوقَةُ: لَمْ يَنْزِلْ فِي آلِ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرُ بَرَاءَتِي وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِهِ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ.
وَصَدَّتْ مَرْوَانَ وَقَالَتْ: وَلَكِنَّ اللَّهَ لَعَنَ أَبَاكَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ، فَأَنْتَ فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ.
وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ، وَهَذِهِ

[1] سورة الأنبياء: 21/ 90.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 441
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست