responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 422
فَكَانَ الْخَلْقُ مُعَلَّلًا بِالْجَزَاءِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ عَلَى مُعَلِّلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: لِيَدُلَّ بِهَا عَلَى قُدْرَتِهِ، وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ. وَقَالَ ابْنُ عطية: ويحتمل أَنْ تَكُونَ لَامَ الصَّيْرُورَةِ، أَيْ فَصَارَ الْأَمْرُ مِنْهَا مِنْ حَيْثُ اهْتَدَى بِهَا قَوْمٌ وَضَلَّ عَنْهَا آخَرُونَ، لِأَنْ يُجَازَى كُلُّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ، وَبِمَا اكْتَسَبَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. انْتَهَى. أَفَرَأَيْتَ الْآيَةَ، قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الحرث بن قيس السهمي، وأ فرأيت: هُوَ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ: مَنِ اتَّخَذَ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ الَّتِي لِمَنِ اهْتَدَى، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ، أَيْ لَا أَحَدَ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ إِضْلَالِ اللَّهِ إِيَّاهُ. مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ: أَيْ هُوَ مِطْوَاعٌ لِهَوَى نَفْسِهِ، يَتَّبِعُ مَا تَدْعُوهُ إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ يَعْبُدُهُ، كَمَا يَعْبُدُ الرَّجُلُ إِلَهَهُ. قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ، إِشَارَةٌ إِلَى الْأَصْنَامِ: إِذْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَا يَهْوَوْنَ مِنَ الْحِجَارَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا رَكِبَهُ، لَا يَخَافُ اللَّهَ، فَلِهَذَا يُقَالُ: الْهَوَى إِلَهٌ مَعْبُودٌ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ: إِلَهَةَ، بِتَاءِ التَّأْنِيثِ، بَدَلٌ مِنْ هَاءِ الضَّمِيرِ. وَعَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ قَرَأَ: آلِهَةَ عَلَى الْجَمْعِ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وَمَعْنَاهُ أَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَهْوَى الْحَجَرَ فَيَعْبُدُهُ، ثُمَّ يَرَى غَيْرَهُ فَيَهْوَاهُ، فَيُلْقِي الْأَوَّلَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلهَهُ هَواهُ الْآيَةُ. وَإِنْ نَزَلَتْ فِي هَوَى الْكُفْرِ، فَهِيَ مُتَنَاوِلَةٌ جَمِيعَ هَوَى النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا ذَكَرَ اللَّهُ هَوًى إِلَّا ذَمَّهُ. وَقَالَ وَهْبٌ: إِذَا شَكَكْتَ في خبر أَمْرَيْنِ، فَانْظُرْ أَبْعَدَهُمَا مِنْ هَوَاكَ فَأْتِهِ. وَقَالَ سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ: هَوَاكَ دَاؤُكَ، فَإِنْ خَالَفْتَهُ فَدَوَاؤُكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْأَمَانِيَّ» .
وَمِنْ حِكْمَةِ الشِّعْرِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ، وَهُوَ جَاهِلِيٌّ:
إني امرؤ وسمح الْخَلِيقَةِ مَاجِدٌ ... لَا أُتْبِعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ هَوَاهَا
وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ الْإِشْبِيلِيُّ الزَّاهِدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
فَخَالِفْ هَوَاهَا وَاعْصِهَا إِنَّ مَنْ يُطِعْ ... هَوَى نَفْسِهِ يَنْزِعُ بِهِ شَرَّ مَنْزَعِ
وَمَنْ يُطِعِ النَّفْسَ اللَّجُوجَ تَرُدُّهُ ... وَتَرْمِ بِهِ فِي مَصْرَعٍ أَيِّ مَصْرَعِ
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ: أَيْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى سَابِقٍ، أَوْ عَلَى عِلْمٍ مِنْ هَذَا الضَّالِّ بِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ الدِّينُ، وَيُعْرِضُ عَنْهُ عِنَادًا، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [1] . وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: صَرَفَهُ عَنِ الْهِدَايَةِ وَاللُّطْفِ، وَخَذَلَهُ عَنْ عِلْمٍ، عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْدِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مِمَّنْ لَا لُطْفَ بِهِ، أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُوهِ الْهِدَايَةِ وَإِحَاطَتِهِ بِأَنْوَاعِ

[1] سورة النمل: 27/ 14
.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست