responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 350
الْمُحْتَجِبُ بَعْضَ خَوَاصِّهِ، وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَيَسْمَعُ صَوْتَهُ وَلَا يَرَى شَخْصَهُ، وَذَلِكَ كَمَا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى وَيُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ.
وَإِمَّا عَلَى أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ رَسُولًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيُوحِي الْمَلَكُ إِلَيْهِ، كَمَا كَلَّمَ الْأَنْبِيَاءَ غَيْرَ مُوسَى. انْتَهَى، وَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي اسْتِحَالَةِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِ الْكَلَامِ الْحَقِيقِيِّ عَنِ اللَّهِ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا وَحَيٌّ، وَخُصَّ الْأَوَّلُ بِاسْمِ الْوَحْيِ هُنَا، لِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْهَامِ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَكَانَ تَخْصِيصُ لَفْظِ الْوَحْيِ بِهِ أَوْلَى.
وَقِيلَ: وَحْياً كَمَا أَوْحَى إِلَى الرُّسُلِ بِوَاسِطَةِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا: أَيْ نَبِيًّا، كَمَا كَلَّمَ أُمَمَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ، حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَتَرَكَ تَفْسِيرَ أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، وَمَعْنَاهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ: كَمَا كَلَّمَ مُحَمَّدًا وَمُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
حِجابٍ، مُفْرَدًا وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: حُجُبٍ جَمْعًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِنَصْبِ الْفِعْلَيْنِ عَطَفَ، أَوْ يُرْسِلَ عَلَى الْمُضْمَرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ تَقْدِيرُهُ: أَوْ يُكَلِّمَهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَهَذَا الْمُضْمَرُ مَعْطُوفٌ عَلَى وَحْيًا، وَالْمَعْنَى: إِلَّا بِوَحْيٍ أَوْ سَمَاعٍ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، أَوْ إِرْسَالِ رَسُولٍ فَيُوحِي ذَلِكَ الرَّسُولُ إِلَى النَّبِيِّ الَّذِي أُرْسِلَ عَنْهُ بِإِذْنِ اللَّهِ مَا يَشَاءُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يطف أَوْ يُرْسِلَ عَلَى أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى. وقال الزمخشري:
ووحيا، وأن يُرْسِلَ، مَصْدَرَانِ وَاقِعَانِ مَوْقِعَ الْحَالِ، لِأَنَّ أَنْ يُرْسِلَ في معنى إرسالا، ومن وَرَاءِ حِجَابٍ ظَرْفٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْحَالِ أَيْضًا، كَقَوْلِهِ: وَعَلى جُنُوبِهِمْ [1] ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَا صَحَّ أَنْ يُكَلِّمَ أَحَدًا إِلَّا مُوحِيًا أَوْ مُسْمِعًا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، أَوْ مُرْسِلًا. انْتَهَى. أَمَّا وُقُوعُ الْمَصْدَرِ مَوْقِعَ الْحَالِ، فَلَا يَنْقَاسُ، وَإِنَّمَا قَالَتْهُ الْعَرَبُ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ: جَاءَ زَيْدٌ بُكَاءً، تُرِيدُ بَاكِيًا، وَقَاسَ مِنْهُ الْمُبَرِّدُ مَا كَانَ مِنْهُ نَوْعًا لِلْفِعْلِ، نَحْوُ: جَاءَ زَيْدٌ مَشْيًا أَوْ سُرْعَةً، وَمَنَعَ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَقَعَ أَنْ وَالْفِعْلُ الْمُقَدَّرُ بِالْمَصْدَرِ مَوْقِعَ الْحَالِ، فَلَا يَجُوزُ، نَحْوُ: جَاءَ زَيْدٌ أَنْ يَضْحَكَ فِي معنى ضحك الْوَاقِعِ مَوْقِعَ ضَاحِكًا، فَجَعْلُهُ وَحْيًا مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِمَّا لَا يَنْقَاسُ، وَأَنَّ يُرْسِلَ فِي مَعْنَى إِرْسَالًا الْوَاقِعِ مَوْقِعَ مُرْسِلًا مَمْنُوعٌ بِنَصِّ سِيبَوَيْهِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا، فَخَرَجَ عَلَى إِضْمَارِ هُوَ يُرْسِلُ، أَوْ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ وَرَاءِ، إِذْ تَقْدِيرُهُ: أَوْ يَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَوَحْيًا مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ

[1] سورة آل عمران: 3/ 191.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست