responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 338
يَعْنِي: أَنَّهُمْ أَحَبُّوا، فَجَذَبُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْبَغْيِ وَالْفِتَنِ. وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشاءُ، يُقَالُ: قَدْرَ بِالسُّكُونِ وَبِالْفَتْحِ، أَيْ: يُقَدِّرُ لَهُمْ مَا هُوَ أَصْلَحُ لَهُمْ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: قَنَطُوا، بِفَتْحِ النُّونِ وَالْأَعْمَشُ، وَابْنُ وَثَّابٍ: بِكَسْرِهَا، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ: يُظْهِرُهَا مِنَ آثَارِ الْغَيْثِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْخَصْبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَحْمَتَهُ نَشْرُهَا أَعَمُّ مِمَّا فِي الْغَيْثِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ:
رَحْمَتَهُ: الْغَيْثُ، وَعَدَّدَ النِّعْمَةَ بِعَيْنِهَا بِلَفْظَيْنِ. وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ هُنَا ظهور الشمس، لأن إِذَا دَامَ الْمَطَرُ سُئِمَ، فَتَجِيءُ الشَّمْسُ بَعْدَهُ عَظِيمَةَ الْمَوْقِعِ، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَهُوَ الْوَلِيُّ:
الَّذِي يَتَوَلَّى عِبَادَهُ، الْحَمِيدُ: الْمَحْمُودُ عَلَى مَا أَسْدَى مِنَ نَعْمَائِهِ وَمَا بَثَّ. الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ عطفا على السموات وَالْأَرْضِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا، عَطْفًا عَلَى خَلْقُ، عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ وَخَلْقُ مَا بَثَّ. وَفِيهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا نُسِبَ فِيهِ دَابَّةٍ إِلَى الْمَجْمُوعِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِبَعْضِهِ. كَمَا يُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ صَنَعُوا كَذَا، وَإِنَّمَا صَنْعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَمِنْهُ يَخْرُجُ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمِلْحِ، أَوْ يَكُونُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. بَعْضٌ يَمْشِي مَعَ الطَّيَرَانِ، فَيُوصَفُ بِالدَّبِيبِ كَمَا يُوصَفُ بِهِ الْأَنَاسِيُّ، أَوْ يَكُونُ قَدْ خلق في السموات حَيَوَانًا يَمْشِي مَعَ مَشْيِ الْأَنَاسِيِّ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ يُرِيدُ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَكُونُ فِي السَّحَابِ. وَقَدْ يَقَعُ أَحْيَانًا، كَالضَّفَادِعِ وَالسَّحَابُ دَاخِلٌ فِي اسْمِ السَّمَاءِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ: هُمُ النَّاسُ وَالْمَلَائِكَةُ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ وَمَا بَثَّ فِي أَحَدِهِمَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فِيهِمَا بِالْفَاءِ، وَكَذَا هِيَ فِي مُعْظَمِ الْمَصَاحِفِ. وَاحْتَمَلَ مَا أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَأَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً، وَالْفَاءُ تَدْخُلُ فِي خَبَرِ الْمَوْصُولِ إِذَا أُجْرِيَ مَجْرَى الشَّرْطِ بِشَرَائِطَ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ فِي رِوَايَةِ، وَشَيْبَةُ: بما بغير فاء، فما مَوْصُولَةٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَحُذِفَتِ الْفَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخُصُّهُ سِيبَوَيْهِ بِالشِّعْرِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْأَخْفَشُ وَبَعْضُ نُحَاةِ بَغْدَادَ وَذَلِكَ عَلَى إِرَادَةِ الْفَاءِ. وَتَرَتُّبُ مَا أَصَابَ مِنَ الْمَصَائِبِ عَلَى كَسْبِ الْأَيْدِي مَوْجُودٌ مَعَ الْفَاءِ وَدُونِهَا هُنَا، وَالْمُصِيبَةُ: الرَّزَايَا وَالْمَصَائِبُ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ مُجَازَاةٌ عَلَى ذُنُوبِ الْمَرْءِ وَتَمْحِيصٌ لِخَطَايَاهُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ، وَلَا يُجَازِي عَلَيْهِ بِمُصِيبَةٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يُصِيبُ ابْنُ آدَمَ خَدْشُ عَوْدٍ أَوْ عَثْرَةُ قَدَمٍ وَلَا اخْتِلَاجُ عِرْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو عَنْهُ أَكْثَرُ» .
وَسُئِلَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ مَرَضِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ، وَهَذَا مِمَّا كَسَبَتْ يَدَايَ. وَرُؤِيَ عَلَى كَفِّ شُرَيْحٍ قُرْحَةٌ، فَقِيلَ: بِمَ هَذَا؟ فَقَالَ: بِمَا كَسَبَتْ يَدَايَ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِالْمُجْرِمِينَ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ اللَّهُ عِقَابَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست