responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 313
بِالْعَرَبِيِّ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ وَهُمْ أُمَّةُ الْعَرَبِ؟ قُلْتُ: هُوَ عَلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَقَعَ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ لَوْ رَأَى كِتَابًا عَجَمِيًّا كُتِبَ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَكِتَابٌ عَجَمِيٌّ والمكتوب إليه عربي؟
وذلك لِأَنَّ نَسْخَ الْإِنْكَارِ عَلَى تَنَافُرِ حَالَتَيِ الْكِتَابِ وَالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، لَا عَلَى أَنَّ الْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ وَجَمَاعَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يُجَرَّدَ لِمَا سِيقَ لَهُ مِنَ الْغَرَضِ، ولا يوصل به ما يخل غَرَضًا آخَرَ.
أَلَا تَرَاكَ تَقُولُ: وَقَدْ رَأَيْتَ لِبَاسًا طَوِيلًا عَلَى امْرَأَةٍ قَصِيرَةٍ، اللِّبَاسُ طَوِيلٌ وَاللَّابِسُ قَصِيرٌ؟ وَلَوْ قُلْتَ: وَاللَّابِسَةُ قَصِيرَةٌ، جِئْتَ بِمَا هُوَ لَكْنَةٌ وَفُضُولُ قَوْلٍ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَمْ يَقَعْ فِي ذُكُورَةِ اللَّابِسِ وَأُنُوثَتِهِ، إِنَّمَا وَقَعَ فِي غَرَضٍ وَرَاءَهُمَا. انْتَهَى، وَهُوَ حَسَنٌ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ تَكْثِيرًا عَلَى عَادَتِهِ فِي حُبِّ الشَّقْشَقَةِ وَالتَّفَهْيُقِ.
قُلْ هُوَ: أَيْ الْقُرْآنُ، لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ، هُدًى: أَيْ إِرْشَادٌ إِلَى الْحَقِّ، وَشِفَاءٌ: أَيْ لِمَا فِي الصُّدُورِ مِنْ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ مبتدأ، وفِي آذانِهِمْ وَقْرٌ هُوَ مَوْضِعِ الْخَبَرِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ هُدًى وَشِفَاءٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أَخْبَرَ أَنَّهُ وَقْرٌ وَصَمَمٌ فِي آذَانِهِمْ، أَيْ الْكَافِرِينَ، وَلَا يُضْطَرُّ إِلَى إِضْمَارِ هُوَ، فَالْكَلَامُ تَامٌّ دُونَهُ أَخْبَرَ أَنَّ فِي آذَانِهِمْ صَمَمًا عَنْ سَمَاعِهِمْ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِمْ عَمًى، يَمْنَعُهُمْ مِنْ إِبْصَارِ حِكْمَتِهِ وَالنَّظَرِ فِي مَعَانِيهِ وَالتَّقْرِيرِ لِآيَاتِهِ، وَجَاءَ بِلَفْظِ عَلَيْهِمُ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِيلَاءِ الْعَمَى عَلَيْهِمْ، وَجَاءَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَكَوْنُ وَالَّذِينَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: لِلَّذِينَ آمَنُوا، وَالتَّقْدِيرُ:
وَلِلَّذِينِ لَا يُؤْمِنُونَ وَقْرٌ فِي آذَانِهِمْ إِعْرَابٌ مُتَكَلَّفٌ، وَهُوَ مِنَ الْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنِ، وَفِيهِ مَذَاهِبُ كَثِيرَةٌ فِي النَّحْوِ، وَالْمَشْهُورُ مَنْعُ ذَلِكَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَمًى بِفَتْحِ الْمِيمِ مُنَوَّنًا:
مَصْدَرُ عَمِيَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَمْرٍو، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَابْنُ هُرْمُزٍ: بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَنْوِينِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقَارِئُ، وَأَبُو حَاتِمٍ:
لَا نَدْرِي نَوَّنُوا أَمْ فَتَحُوا الْيَاءَ، عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ وَبِغَيْرِ تَنْوِينٍ، رَوَاهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْوَقْرِ. أُولئِكَ إِشَارَةً إِلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَبَرًا، لِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا كَانَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِمْ. يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، قِيلَ: هُوَ حَقِيقَةٌ. قَالَ الضَّحَّاكُ: يُنَادَوْنَ بِكُفْرِهِمْ وَقُبْحِ أَعْمَالِهِمْ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِمْ مِنْ بُعْدٍ حَتَّى يَسْمَعَ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَوْقِفِ فَتَعْظُمُ السُّمْعَةُ عَلَيْهِمْ وَيَحِلُّ الْمُصَابُ.
وَقَالَ عَلِيٌّ وَمُجَاهِدٌ: اسْتِعَارَةٌ لِقِلَّةِ فَهْمِهِمْ،
شَبَّهَهُمْ بِالرَّجُلِ يُنَادَى مِنْ بُعْدٍ، فَيَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا يَفْهَمُ تَفَاصِيلَهُ وَلَا مَعَانِيَهُ. وَحَكَى أَهْلُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست