responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 261
الْأُلُوهِيَّةَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، أَوْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ جُعِلَتِ الدَّعْوَةُ الَّتِي لَا اسْتِجَابَةَ لَهَا وَلَا مَنْفَعَةَ كَلَا دَعْوَةٍ، أَوْ سُمِّيَتِ الِاسْتِجَابَةُ بِاسْمِ الدَّعْوَةِ، كَمَا سُمِّيَ الْفِعْلُ الْمُجَازَى عَلَيْهِ بِاسْمِ الْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَيْسَتْ لَهُ شَفَاعَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ أَوَّلًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الْبَقَرِ، وَكَانَتْ تُعْبَدُ مَا دَامَتْ شَابَّةً، فَإِذَا هَزُلَتْ أَمَرَ بِذَبْحِهَا وَدَعَا بِأُخْرَى لِتُعْبَدَ. فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الزَّمَانُ قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [1] . وَلَمَّا ذَكَرَ انْتِفَاءَ دَعْوَةِ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَذَكَرَ أَنَّ مَرَدَّ الْجَمِيعِ إِلَى اللَّهِ، أَيْ إِلَى جَزَائِهِ، وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ: وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فِي قَوْلِ قَتَادَةَ، وَالسَّفَّاكُونَ لِلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حِلِّهَا فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ. وَقِيلَ: مَنْ غَلَبَ شَرُّهُ خَيْرَهُ هُوَ الْمُسْرِفُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ:
هُمُ الْجَبَّارُونَ الْمُتَكَبِّرُونَ. وَخَتَمَ الْمُؤْمِنُ كَلَامَهُ بِخَاتِمَةٍ لَطِيفَةٍ تُوجِبُ التَّخْوِيفَ وَالتَّهْدِيدَ وَهِيَ قَوْلُهُ: فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ: أَيْ إِذَا حَلَّ بِكُمْ عِقَابُ اللَّهِ. وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، لَا إِلَيْكُمْ وَلَا إِلَى أَصْنَامِكُمْ، وَكَانُوا قَدْ تَوَعَّدُوهُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ التَّفْوِيضَ، وَهُوَ كَوْنُهُ تَعَالَى بَصِيرًا بِأَحْوَالِ الْعِبَادِ وَبِمَقَادِيرِ حَاجَاتِهِمْ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، قَصَدُوا قَتْلَهُ فَهَرَبَ هَذَا الْمُؤْمِنُ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَمَّا أَظْهَرَ إِيمَانَهُ، بَعَثَ فِرْعَوْنُ فِي طَلَبِهِ أَلْفَ رَجُلٍ فَمِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَهُ، فَذَبَّ السِّبَاعُ عَنْهُ وَأَكَلَتْهُمُ السِّبَاعُ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَاتَ فِي الْجِبَالِ عَطَشًا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ إِلَى فِرْعَوْنَ خَائِبًا، فَاتَّهَمَهُ وَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ. وَقِيلَ: نَجَا مَعَ مُوسَى فِي الْبَحْرِ، وَفَرَّ فِي جُمْلَةِ مَنْ فَرَّ مَعَهُ. فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا: أَيْ شَدَائِدَ مَكْرِهِمُ الَّتِي تَسُوؤُهُ، وَمَا هَمُّوا بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ لِمَنْ خَالَفَهُمْ. وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَا حَاقَ بِالْأَلْفِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ فِرْعَوْنُ فِي طَلَبِ الْمُؤْمِنِ، مِنْ أَكْلِ السِّبَاعِ، وَالْمَوْتِ بِالْعَطَشِ، وَالْقَتْلِ وَالصَّلْبِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: سُوءُ الْعَذابِ: هُوَ الْغَرَقُ فِي الدُّنْيَا وَالْحَرْقُ فِي الْآخِرَةِ. النَّارُ بَدَلٌ مِنْ سُوءُ الْعَذابِ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا سُوءُ الْعَذَابِ: قِيلَ: النَّارُ، أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يُعْرَضُونَ، وَيُقَوِّي هَذَا الْوَجْهَ قِرَاءَةُ مَنْ نَصَبَ، أَيْ تَدْخُلُونَ النَّارَ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَرْضَهُمْ عَلَى النَّارِ مَخْصُوصٌ بِهَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذِكْرِ الطَّرَفَيْنِ الدَّوَامُ فِي الدُّنْيَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَرْضَ خِلَافُ الْإِحْرَاقِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَرْضُهُمْ عَلَيْهَا: إِحْرَاقُهُمْ بِهَا، يُقَالُ: عَرَضَ الْإِمَامُ الْأُسَارَى عَلَى السَّيْفِ إِذَا قتلهم به. انتهى،

[1] سورة النازعات: 79/ 24.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست