responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 260
بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، لَا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ، فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ، فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ، وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ، قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ، وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ، قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ، إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ.
بَدَأَ الْمُؤْمِنُ بِذِكْرِ الْمُتَسَبَّبِ عَنْ دَعْوَتِهِمْ، وَأَبْدَى التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا. وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُسَبِّبَيْنِ، ذَكَرَ سَبَبَهُمَا، وَهُوَ دُعَاؤُهُمْ إِلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَدُعَاؤُهُ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ. وَأَتَى بِصِيغَةِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ، وَالْغَالِبُ الَّذِي الْعَالَمُ كُلُّهُمْ فِي قَبْضَتِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ كَمَا يَشَاءُ، الْغَفَّارُ لِذُنُوبِ مَنْ رَجَعَ إِلَيْهِ وَآمَنُ بِهِ، وَأَوْصَلَ سَبَبَ دُعَائِهِمْ بِمُسَبِّبِهِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنَّارُ، وَأَخَّرَ سَبَبَ مُسَبِّبِهِ لِيَكُونَ افْتِتَاحَ كَلَامِهِ وَاخْتِتَامِهِ بِمَا يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ. وَبَدَأَ أَوَّلًا بِجُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ، وهو استفهام الْمُتَضَمِّنُ التَّعَجُّبَ مِنْ حَالَتِهِمْ، وَخَتَمَ أَيْضًا بِجُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَوْكِيدِ الْأَخْبَارِ. وَجَاءَ فِي حَقِّهِمْ وَتَدْعُونَنِي بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي تَوْكِيدًا، إِذْ دَعَوْتُهُمْ بَاطِلَةٌ لَا ثُبُوتَ لها، فتؤكد، وما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ هِيَ الْأَوْثَانُ، أَيْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ عِلْمِي، إِذْ لَيْسَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْأُلُوهِيَّةِ وَلَا لِفِرْعَوْنَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ جَاءَ بِالْوَاوِ فِي النِّدَاءِ الثَّالِثِ دُونَ الثَّانِي؟ قُلْتُ: لِأَنَّ الثَّانِيَ دَاخِلٌ فِي كَلَامٍ هُوَ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ وَتَفْسِيرٌ لَهُ، فَأَعْطَى الدَّاخِلَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ فِي امْتِنَاعِ دُخُولِ الْوَاوِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَدَاخِلٌ عَلَى كَلَامٍ لَيْسَ بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَا جَرَمَ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ هُنَا، وَرُوِيَ عَنِ الْعَرَبِ: لَا جُرْمَ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، يُرِيدُ لَا بُدَّ، وَفَعَلٌ وَفُعْلٌ أَخَوَانِ، كَرَشَدٍ وَرُشْدٍ، وَعَدَمٍ وَعُدْمٍ. أَنَّما: أَيْ أَنَّ الَّذِي تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى عِبَادَتِهِ، لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ، أَيْ قَدْرٌ وَحَقٌّ يَجِبُ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّ الْجَمَادَ لَا يَدْعُو، وَالْمَعْبُودُ بِالْحَقِّ يَدْعُو الْعِبَادَ إِلَى طَاعَتِهِ، ثُمَّ يَدْعُو الْعِبَادَ إِلَيْهَا إِظْهَارًا لِدَعْوَةِ رَبِّهِمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى لَيْسَ لَهُ اسْتِجَابَةُ دَعْوَةٍ تُوجِبُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست