responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 258
فِي صُورَةِ تَذْكِيرِهِمْ، وَلَا يفجأهم بِالْخِطَابِ. وَفِي قَوْلِهِ: كَبُرَ مَقْتاً ضَرْبٌ مِنَ التَّعَجُّبِ وَالِاسْتِعْظَامِ لِجِدَالِهِمْ وَالشَّهَادَةِ عَلَى خُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ إِشْكَالِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ. كَذلِكَ: أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِ الْمُجَادِلِينَ، يَطْبَعُ اللَّهُ: أي يحتم بِالضَّلَالَةِ وَيَحْجُبُ عَنِ الْهُدَى. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرِو بْنُ ذَكْوَانَ، وَالْأَعْرَجُ، بِخِلَافٍ عَنْهُ: قَلْبٍ بِالتَّنْوِينِ، وَصَفَ الْقَلْبَ بِالتَّكَبُّرِ وَالْجَبَرُوتِ، لِكَوْنِهِ مَرْكَزَهُمَا وَمَنْبَعَهُمَا، كَمَا يَقُولُونَ: رَأَتِ الْعَيْنُ، وَكَمَا قَالَ: فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [1] ، وَالْآثِمُ: الْجُمْلَةُ، وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ عَلَى كُلِّ ذِي قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ، بِجَعْلِ الصِّفَةِ لِصَاحِبِ الْقَلْبِ. انْتَهَى، وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى اعْتِقَادِ الْحَذْفِ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ: قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ بِالْإِضَافَةِ، وَالْمُضَافُ فِيهِ الْعَامُّ عَامٌّ، فَلَزِمَ عُمُومُ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْمُتَكَبِّرُ: الْمُعَانِدُ فِي تَعْظِيمِ أَمْرِ اللَّهِ، وَالْجَبَّارُ الْمُسَلَّطُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ.
وَقالَ فِرْعَوْنُ يَا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً، أَقْوَالُ فِرْعَوْنَ: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى، مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرى، يَا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً، حَيْدَةٌ عَنْ مُحَاجَّةِ مُوسَى، وَرُجُوعٌ إِلَى أَشْيَاءَ لَا تَصِحُّ، وَذَلِكَ كُلُّهُ لِمَا خَامَرَهُ مِنَ الْجَزَعِ وَالْخَوْفِ وَعَدَمِ الْمُقَاوَمَةِ، وَالتَّعَرُّفِ أَنَّ هَلَاكَهُ وَهَلَاكَ قَوْمِهِ عَلَى يَدِ مُوسَى، وَإِنْ قُدْرَتَهُ عَجَزَتْ عَنِ التَّأْثِيرِ فِي مُوسَى، هَذَا عَلَى كَثْرَةِ سَفْكِهِ الدِّمَاءَ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الصَّرْحِ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. قَالَ السُّدِّيُّ:
الْأَسْبَابُ: الطُّرُقُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْأَبْوَابُ وَقِيلَ: عَنَى لَعَلَّهُ يَجِدُ، مَعَ قُرْبِهِ مِنَ السَّمَاءِ، سَبَبًا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَمَا أدراك إِلَى شَيْءٍ فَهُوَ سَبَبٌ، وَأَبْهَمَ أَوَّلًا الْأَسْبَابَ، ثُمَّ أَبْدَلَ مِنْهَا مَا أَوْضَحَهَا.
وَالْإِيضَاحُ بَعْدَ الْإِبْهَامِ يُفِيدُ تَفْخِيمَ الشَّيْءِ، إِذْ فِي الْإِبْهَامِ تَشَوُّقٌ لِلْمُرَادِ، وَتَعَجُّبٌ مِنَ الْمَقْصُودِ، ثُمَّ بِالتَّوْضِيحِ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَيَتَعَيَّنُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَأَطَّلِعُ رَفْعًا، عَطْفًا عَلَى أَبْلُغُ، فَكِلَاهُمَا مُتَرَجًّى. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ، وَابْنُ مِقْسَمٍ، وَحَفْصٌ: فَأَطَّلِعَ، بِنَصْبِ الْعَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ جِبَارَةَ، وَابْنُ عَطِيَّةَ: عَلَى جَوَابِ التَّمَنِّي. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلَى جَوَابِ التَّرَجِّي، تَشْبِيهًا لِلتَّرَجِّي بِالتَّمَنِّي. انْتَهَى.
وَقَدْ فَرَّقَ النُّحَاةُ بَيْنَ التَّمَنِّي وَالتَّرَجِّي، فَذَكَرُوا أَنَّ التَّمَنِّيَ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ وَالْمُمْتَنِعِ، وَالتَّرَجِّيَ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ. وَبُلُوغُ أَسْبَابِ السموات غَيْرُ مُمْكِنٍ، لَكِنَّ فِرْعَوْنَ أَبْرَزَ مَا لَا يُمْكِنُ فِي صُورَةِ الْمُمْكِنِ تَمْوِيهًا عَلَى سَامِعِيهِ. وَأَمَّا النَّصْبُ بَعْدَ الْفَاءِ فِي جَوَابِ التَّرَجِّي فَشَيْءٌ أَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَمَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ، وَاحْتَجَّ الْكُوفِيُّونَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَبِقِرَاءَةِ عَاصِمٍ،

[1] سورة البقرة: 2/ 283.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست