responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 249
كَذَّابٌ، فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ، وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ، وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ، وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ، يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ.
ابْتَدَأَ تَعَالَى قِصَّةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ فِرْعَوْنَ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَوَعِيدًا لِقُرَيْشٍ أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنْ نقمات الله، ووعد لِلْمُؤْمِنِينَ بِالظَّفَرِ وَالنَّصْرِ وَحُسْنِ الْعَاقِبَةِ. وَآيَاتُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثِيرَةٌ، وَالَّذِي تَحَدَّى بِهِ مِنَ الْمُعْجِزِ الْعَصَا وَالْيَدُ. وَقَرَأَ عِيسَى: وَسُلُطَانٍ بِضَمِّ اللَّامِ، وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ: الْحُجَّةُ وَالْبُرْهَانُ الْوَاضِحُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَارُونَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى [1] ، وَهُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: هُوَ غَيْرُهُ، وَنَصَّ عَلَى هَامَانَ وَقَارُونَ لِمَكَانَتِهِمَا فِي الْكُفْرِ، وَلِأَنَّهُمَا أَشْهَرُ أَتْبَاعِ فِرْعَوْنَ. فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ: أَيْ هَذَا سَاحِرٌ، لِمَا ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ قَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً، وَظُهُورِ النُّورِ السَّاطِعِ عَلَى يَدِهِ، كَذَّابٌ لِكَوْنِهِ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا: أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالنُّبُوَّةِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، قالُوا، أَيْ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ، اقْتُلُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ أَعِيدُوا عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ كَالَّذِي كَانَ أَوَّلًا. انْتَهَى. يُرِيدُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْقَتْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِقَتْلِ أَبْنَاءِ الْمُؤْمِنِينَ لِئَلَّا يَتَقَوَّى بِهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبِاسْتِحْيَاءِ النِّسَاءِ لِلِاسْتِخْدَامِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، وَلَمْ يَقَعْ مَا أَمَرُوا بِهِ وَلَا تَمَّ لَهُمْ، وَلَا أَعَانَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ:
أَيْ فِي حَيْرَةٍ وَتَخَبُّطٍ، لَمْ يَقَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا أَنْجَحَ سَعْيَهَمْ، وَكَانُوا بَاشَرُوا الْقَتْلَ أَوَّلًا، فَنَفَذَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي إِظْهَارِ مَنْ خَافُوا هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدَيْهِ. وَقِيلَ: كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ كَفَّ عَنْ قَتْلِ الْأَبْنَاءِ، فَلَمَّا بُعِثَ مُوسَى، وَأَحَسَّ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ مَا كَانَ يَحْذَرُهُ، أَعَادَ الْقَتْلَ عَلَيْهِمْ غَيْظًا وَحِنْقًا وَظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَصُدُّهُمْ بِذَلِكَ عَنْ مُظَاهَرَةِ مُوسَى، وَمَا عَلِمَ أَنَّ كَيْدَهُ ضَائِعٌ فِي الْكَرَّتَيْنِ مَعًا.
وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ، قال الزمخشري: وبعضه من كلام

[1] سورة القصص: 28/ 76.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست