responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 241
الْمَقْتَيْنِ الْأَوَّلُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ زَيْدٍ وَالْأَكْثَرِينَ، وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَعَنِ الْحَسَنِ لَمَّا رَأَوْا أَعْمَالَهُمُ الْخَبِيثَةَ مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ فَنُودُوا: لَمَقْتُ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمَقْتُ اللَّهِ إِيَّاكُمُ الْآنَ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [1] ، وإِذْ تُدْعَوْنَ تَعْلِيلٌ. انْتَهَى. وَكَانَ قَوْلُهُ: إِذْ تُدْعَوْنَ تَعْلِيلٌ مِنْ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِذْ تُدْعَوْنَ مَعْمُولٌ، لأذكر مَحْذُوفَةٍ، وَيَتَّجِهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَقْتُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي الْآخِرَةِ، عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ، قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالثَّوَابِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: مِنْ مَقْتِ أَنْفُسِكُمْ، أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ يَمْقُتُ نَفْسَهُ، أَوْ أَنْ بَعْضَكُمْ يَمْقُتُ بَعْضًا، كَمَا قِيلَ: إِنَّ الْأَتْبَاعَ يَمْقُتُونَ الرُّؤَسَاءَ لِمَا وَرَّطُوهُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَالرُّؤَسَاءُ يَمْقُتُونَ الْأَتْبَاعَ، وَقِيلَ: يَمْقُتُونَ أَنْفُسَهُمْ حِينَ قَالَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ: فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ، وَالْمَقْتُ أَشَدُّ الْبُغْضِ، وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَعْنَاهُ: الْإِنْكَارُ وَالزَّجْرُ.
قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ: وَجْهُ اتِّصَالِ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ، وَعَظَّمَ مَقْتَهُمْ أَنْفُسَهُمْ هَذَا الْإِنْكَارُ، فَلَمَّا مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ وَرَأَوْا حُزْنًا طَوِيلًا رَجَعُوا إِلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ، فَأَقَرُّوا أَنَّهُ تَعَالَى أَمَاتَهُمُ اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَاهُمُ اثْنَتَيْنِ تَعْظِيمًا لِقُدْرَتِهِ وَتَوَسُّلًا إِلَى رِضَاهُ، ثُمَّ أَطْمَعُوا أَنْفُسَهُمْ بِالِاعْتِرَافِ بِالذُّنُوبِ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى الدُّنْيَا، أَيْ إِنْ رَجَعْنَا إِلَى الدُّنْيَا وَدُعِينَا لِلْإِيمَانِ بَادَرْنَا إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَأَبُو مَالِكٍ: مَوْتُهُمْ كَوْنُهُمْ مَاءً فِي الْأَصْلَابِ، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ مَوْتُهُمْ فِيهَا، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِحْيَاؤُهُمْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِمَاتَتُهُمْ فِيهَا، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ فِي الْقَبْرِ لِسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، ثُمَّ إِمَاتَتُهُمْ فِيهِ، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ فِي الْحَشْرِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِحْيَاؤُهُمْ نَسَمًا عِنْدَ أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَيْهِمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ، ثُمَّ إِمَاتَتُهُمْ بَعْدُ، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِمَاتَتُهُمْ، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ، فَعَلَى هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ تَكُونُ ثَلَاثَةَ إِحْيَاءَاتٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْقُرْآنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: الْكَافِرُ فِي الدُّنْيَا حَيُّ الْجَسَدِ، مَيِّتُ الْقَلْبِ، فَاعْتُبِرَتِ الْحَالَتَانِ، ثُمَّ إِمَاتَتُهُمْ حَقِيقَةً، ثُمَّ إِحْيَاؤُهُمْ فِي الْبَعْثِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ عَلَى الْإِمَاتَتَيْنِ وَالْإِحْيَاءَيْنِ فِي قَوْلِهِ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً [2] الْآيَةَ، وَكَرَّرْنَا ذَلِكَ هُنَا لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ صَحَّ أَنْ يُسَمِّيَ خَلَقَهُمْ أَمْوَاتًا إِمَاتَةً؟ قُلْتُ: كَمَا صَحَّ أن يقول: سبحان من

[1] سورة العنكبوت: 29/ 25.
[2] سورة البقرة: 2/ 28.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست