responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 161
بَدَلٌ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِذْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَنِّي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَعِيسَى: بِكَسْرِهَا، وَجَاءَ بِضَمِيرِ التَّكَلُّمِ حِكَايَةً لِكَلَامِهِ الَّذِي نَادَاهُ بِسَبَبِهِ، وَلَوْ لَمْ يَحْكِ لَقَالَ: إِنَّهُ مَسَّهُ، لِأَنَّهُ غَائِبٌ، وَأَسْنَدَ الْمَسَّ إِلَى الشَّيْطَانِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَمَّا كَانَتْ وَسْوَسَتُهُ إِلَيْهِ وَطَاعَتُهُ لَهُ فِيمَا وَسْوَسَ سَبَبًا فِيمَا مَسَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّصْبِ وَالْعَذَابِ، نَسَبَهُ إِلَيْهِ وَقَدْ رَاعَى الْأَدَبَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى اللَّهِ فِي دُعَائِهِ، مَعَ أَنَّهُ فَاعِلُهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا هُوَ. وَقِيلَ: أَرَادَ مَا كَانَ يُوَسْوِسُ بِهِ إِلَيْهِ فِي مَرَضِهِ مِنْ تَعْظِيمِ مَا نَزَلَ بِهِ الْبَلَاءِ، فَالْتَجَأَ إِلَى اللَّهِ فِي أَنْ يَكْفِيَهُ ذَلِكَ بِكَشْفِ الْبَلَاءِ، أَوْ بِالتَّوْفِيقِ فِي دَفْعِهِ وَرَدِّهِ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ. وَذَكَرَ فِي سَبَبِ بَلَائِهِ أَنَّ رَجُلًا اسْتَغَاثَهُ عَلَى ظَالِمٍ، فَلَمْ يُغِثْهُ. وَقِيلَ: كَانَتْ مَوَاشِيهِ فِي نَاحِيَةِ مَلِكٍ كَافِرٍ، فَدَاهَنَهُ وَلَمْ يَفْدِهِ. وَقِيلَ: أُعْجِبَ بِكَثْرَةِ مَالِهِ. انْتَهَى.
وَلَا يُنَاسِبُ مَنَاصِبَ الْأَنْبِيَاءِ مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنِ أَنَّ أَيُّوبَ كَانَتْ مِنْهُ طَاعَةٌ لِلشَّيْطَانِ فِيمَا وَسْوَسَ بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَبَبًا لِمَا مَسَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّصْبِ وَالْعَذَابِ، وَلَا أَنَّ رَجُلًا اسْتَغَاثَهُ عَلَى ظَالِمٍ فَلَمْ يُغِثْهُ، وَلَا أَنَّهُ دَاهَنَ كَافِرًا، وَلَا أَنَّهُ أُعْجِبَ بِكَثْرَةِ مَالِهِ. وَكَذَلِكَ مَا رَوَوْا أَنَّ الشَّيْطَانَ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى أَذْهَبَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِحَّ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْبَشَرِ إِلَّا بِإِلْقَاءِ الْوَسَاوِسِ الْفَاسِدَةِ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ. وَالَّذِي نَقُولُهُ:
أَنَّهُ تَعَالَى ابْتَلَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي جَسَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ.
وَرَوَى أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ أَيُّوبَ بَقِيَ فِي مِحْنَتِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً يَتَسَاقَطُ لَحْمُهُ حَتَّى مَلَّهُ الْعَالَمُ، وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَيْهِ إِلَّا امْرَأَتُهُ
، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا تَوَالِيَ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِعِلَّتِهِ. وَأَمَّا إِسْنَادُهُ الْمَسَّ إِلَى الشَّيْطَانِ، فَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَعُودُهُ ثَلَاثٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَارْتَدَّ أَحَدُهُمْ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ: أَلْقَى إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْتَلِي الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ، فَحِينَئِذٍ قَالَ: مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ، نَزَّلَ لِشَفَقَتِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
مَسَّ الشَّيْطَانِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ حَتَّى ارْتَدَّ مَنْزِلَةَ مَسِّهِ لِنَفْسِهِ، لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ الْخَيِّرَ يَتَأَلَّمُ بِرُجُوعِ الْمُؤْمِنِ الْخَيِّرِ إِلَى الْكُفْرِ وَلِذَلِكَ جَاءَ بَعْدَهُ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ، حَتَّى يَغْتَسِلَ وَيَذْهَبَ عَنْهُ الْبَلَاءُ، فَلَا يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِسَبَبِ طُولِ بَلَائِهِ، وَتَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَبْتَلِي الْأَنْبِيَاءَ. وَقِيلَ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ: مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ إِلَى تَعْرِيضِهِ لِامْرَأَتِهِ، وَطَلَبِهِ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ، وَكَأَنَّهُ بِتَشَكِّي هَذَا الْأَمْرِ كَانَ عَلَيْهِ أَشَدَّ مِنْ مَرَضِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
بِنُصْبٍ، بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الصَّادِ، قِيلَ: جَمْعُ نَصْبٍ، كَوُثْنٍ وَوَثْنٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَأَبُو عُمَارَةَ عَنْ حَفْصٍ، وَالْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو مُعَاذٍ عَنْ نَافِعٍ: بِضَمَّتَيْنِ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست