responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 141
وَعِظَمِ عَسَاكِرِهِ. وَقِيلَ: كَانَ يَشُجُّ الْمُعَذَّبَ بَيْنَ أَرْبَعِ سَوَارِي، كُلُّ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ إِلَى سَارِيَةٍ مَضْرُوبَةٍ فِيهَا وَتَدٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَمُوتَ. رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ، وَقِيلَ: كَانَ يَمُدُّهُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ فِي الْأَرْضِ، وَيُرْسِلُ عَلَيْهِ الْعَقَارِبَ وَالْحَيَّاتِ. وَقِيلَ: يَشُدُّهُمْ بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ صَخْرَةً فَتُلْقَى عَلَيْهِ فَتَشْدَخُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ: الْأَوْتَادُ: الْجُنُودُ، يَشُدُّونَ مُلْكَهُ، كَمَا يُقَوِّي الْوَتَدُ الشَّيْءَ. وَقِيلَ: بَنَى مَنَارًا يَذْبَحُ عَلَيْهَا النَّاسَ، قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. أُولئِكَ الْأَحْزابُ: أَيِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، كَمَا تَحَزَّبَ قُرَيْشٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِأُولَئِكَ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ، وَهُمُ قَوْمُ نُوحٍ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ تَفْخِيمٌ لِشَأْنِهِمْ وَإِعْلَاءٌ لَهُمْ عَلَى مَنْ تَحَزَّبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أَيْ هَؤُلَاءِ الْعُظَمَاءُ لَمَّا كَذَّبُوا عُوقِبُوا، وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ.
إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ: فَوَجَبَ عِقَابُهُمْ. كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ، آذَوْا نُوحًا فَأُغْرِقُوا وَقَوْمُ هُودٍ فَأُهْلِكُوا بِالرِّيحِ وَفِرْعَوْنُ فَأُغْرِقَ وَثَمُودُ بِالصَّيْحَةِ وَقَوْمَ لُوطِ بِالْخَسْفِ وَالْأَيْكَةُ بِعَذَابِ الظُّلَّةِ. وَمَعْنَى إِنْ كُلٌّ: مَا كَانَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَحَقَّ عِقابِ: أَيْ وَجَبَ عِقَابُهُمْ، فَكَذَلِكَ يَحِقُّ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِالرَّسُولِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أُولئِكَ الْأَحْزابُ، قَصَدَ بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ الْإِعْلَامَ بِأَنَّ الْأَحْزَابَ الَّذِينَ جَعَلَ الْجُنْدَ الْمَهْزُومَ هُمْ هُمْ، وَأَنَّهُمُ الَّذِينَ وُجِدَ مِنْهُمُ التَّكْذِيبُ، وَلَقَدْ ذكرت تَكْذِيبَهُمْ أَوَّلًا فِي الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِبْهَامِ، ثُمَّ جَاءَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّةِ، فَأَوْضَحَهُ فِيهَا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَحْزَابِ كَذَّبَ الرُّسُلَ، لِأَنَّهُمْ إِذَا كَذَّبُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَدْ كَذَّبُوا جَمِيعًا، وَفِي تَكْرِيرِ التَّكْذِيبِ وَإِيضَاحِهِ بَعْدَ إِبْهَامِهِ، وَالتَّنْوِيعِ فِي تَكْرِيرِهِ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ أَوَّلًا، وَبِالِاسْتِثْنَاءِ ثَانِيًا، وَمَا فِي الِاسْتِثْنَائِيَّةِ مِنَ الْوَضْعِ عَلَى وَجْهِ التَّوْكِيدِ وَالتَّخْصِيصِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْمُبَالَغَةِ الْمُسَجَّلَةِ عَلَيْهِمْ بِاسْتِحْقَاقِ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَأَبْلَغِهِ. ثُمَّ قَالَ: فَحَقَّ عِقابِ: أَيْ فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ أُعَاقِبَهُمْ حَقَّ عِقَابِهِمْ. انتهى.

[سورة ص (38) : الآيات 15 الى 40]
وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَا لَها مِنْ فَواقٍ (15) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (16) اصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19)
وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (20) وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لَا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (23) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (24)
فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (26) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (29)
وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (31) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (32) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (34)
قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (36) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (38) هَذَا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (39)
وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست