responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 131
بأن الْمُخَفَّفَةِ وَبِاللَّامِ كَوْنُهُمْ كَانُوا جَادِّينَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُمُ التَّكْذِيبُ وَالنُّفُورُ الْبَلِيغُ، كَقَوْلِهِ: فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [1] .
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا: قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالْإِفْرَادِ لَمَّا انْتَظَمَتْ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِفْرَادِ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ: بِالْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ الْمَوْعِدُ بِعُلُوِّهِمْ عَلَى عَدِوِّهِمْ فِي مَقَامَاتِ الْحِجَاجِ وَمَلَاحِمِ الْقِتَالِ فِي الدُّنْيَا، وَعُلُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا غُلِبَ نَبِيٌّ فِي الْحَرْبِ، وَلَا قُتِلَ فِيهَا. فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ: أَيْ إِلَى مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَهِيَ مُدَّةُ الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ. وَعَنِ السُّدِّيِّ: إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ، وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَى مَوْتِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَبْصِرْهُمْ: أَيِ انْظُرْ إِلَى عَاقِبَةِ أَمْرِهِمْ، فَسَوْفَ يُبْصِرُونَهَا وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالْأَسْرِ وَالْقَتْلِ، أَوْ سَوْفَ يُبْصِرُونَكَ وَمَا يَتِمُّ لَكَ مِنَ الظَّفَرِ بِهِمْ وَالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ. وَأَمْرُهُ بِإِبْصَارِهِمْ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الْمُنْتَظَرَةِ الْكَائِنَةِ لَا مَحَالَةَ، وَأَنَّهَا قَرِيبَةٌ كَأَنَّهَا بَيْنَ نَاظِرَيْهِ بِحَيْثُ هُوَ يُبْصِرُهَا، وَفِي ذَلِكَ تَسْلِيَةٌ وَتَنْفِيسٌ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ: اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ.
فَإِذا نَزَلَ هُوَ، أَيِ الْعَذَابُ، مِثْلُ الْعَذَابِ النَّازِلِ بِهِمْ بَعْدَ مَا أَنْذَرَهُ، فَأَنْكَرُوهُ بِحَيْثُ أَنْذَرَ بِهُجُومِهِ قَوْمَهُ وَبَعْضَ صُنَّاعِهِمْ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلى إنذراه، وَلَا أَخَذُوا أُهْبَتَهُ، وَلَا دَبَّرُوا أَمْرَهُمْ تَدْبِيرًا يُنْجِيهِمْ حَتَّى أَنَاخَ بِفَنَائِهِمْ، فَشَنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ، وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ. وَكَانَتْ عَادَةُ مَغَازِيهِمْ أَنْ يُغِيرُوا صَبَاحًا، فَسُمِّيَتِ الْغَارَةُ صَبَاحًا، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ. وَمَا فَصَحَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَا كَانَتْ لَهُ الرَّوْعَةُ الَّتِي يَحْسُنُ بِهَا، وَيَرُونُكَ مَوْرِدُهَا عَلَى نَفْسِكِ وَطَبْعِكَ إِلَّا لِمَجِيئِهَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَابْنُ مَسْعُودٍ:
مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَسَاحَتِهِمْ: هُوَ الْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ. وَنَزَلَ سَاحَةَ فُلَانٍ، يُسْتَعْمَلُ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَسُوءُ الصَّبَاحِ: يُسْتَعْمَلُ فِي حُلُولِ الْغَارَاتِ وَالرَّزَايَاتِ وَمِثْلُ قَوْلِ الصَّارِخِ: يَا صَبَاحَاهُ وَحُكْمُ سَاءَ هَنَا حُكْمُ بِئْسَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبِئْسَ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ صَبَاحُهُمْ. وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ: كَرَّرَ الْأَمْرَ بِالتَّوَلِّي، تَأْنِيسًا لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَتَسْلِيَةً وَتَأْكِيدًا لِوُقُوعِ الْمِيعَادِ وَلَمْ يُقَيِّدْ أَمْرَهُ بِالْإِبْصَارِ، كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْأَوَّلِ، إِمَّا لِاكْتِفَائِهِ بِهِ فِي الْأَوَّلِ فَحَذَفَهُ اخْتِصَارًا، وَإِمَّا لِمَا فِي تَرْكِ التَّقْيِيدِ مِنْ جَوَلَانِ الذِّهْنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِبْصَارُ مِنْهُ مِنْ صُنُوفِ الْمَسَرَّاتِ، وَالْإِبْصَارُ مِنْهُمْ من صنوف المساءات. وَقِيلَ: أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ عَذَابُ الدُّنْيَا، وَبِالْآخِرَةِ عَذَابُ الْآخِرَةِ.

[1] سورة البقرة: 2/ 89.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست