responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 109
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ: أَيْ مَنْ كَانَ مُكَذِّبًا لَهُ مِنْ قَوْمِهِ، لَمَّا ذَكَرَ تَحِيَّاتِهِ وَنَجَاةَ أَهْلِهِ، إِذْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، ذَكَرَ هَلَاكَ غَيْرِهِمْ بِالْغَرَقِ.
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ، إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ، أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ، فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ، فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ، فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ، مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ، فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ، قالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ، وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ، قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ، فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ.
وَالظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى نُوحٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، أَيْ مِمَّنْ شَايَعَهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَالتَّوْحِيدِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ شَرَائِعُهُمَا، أَوِ اتَّفَقَ أَكْثَرُهُمَا، أَوْ مِمَّنْ شَايَعَهُ فِي التَّصَلُّبِ فِي دِينِ اللَّهِ وَمُصَابَرَةِ الْمُكَذِّبِينَ. وَكَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ أَلْفَا سَنَةٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَبَيْنَهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ هُودٌ وَصَالِحٌ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الضَّمِيرُ فِي مِنْ شِيعَتِهِ يَعُودُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم والأعراف أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ فِي الزَّمَانِ هُوَ شِيعَةٌ لِلْمُتَقَدِّمِ، وَجَاءَ عَكْسُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
وَمَا لِي إِلَّا آل أحمد شيعة ... وما لي إِلَّا مَشْعَبَ الْحَقِّ مَشْعَبُ
جَعَلَهُمْ شِيعَةً لِنَفْسِهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: بِمَ يَتَعَلَّقُ الظَّرْفُ؟ قُلْتُ: بِمَا فِي الشِّيعَةِ مِنْ مَعْنَى الْمُشَايَعَةِ، يَعْنِي: وَإِنَّ مِمَّنْ شَايَعَهُ عَلَى دِينِهِ وَتَقْوَاهُ حِينَ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ لَإِبْرَاهِيمَ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ، وَهُوَ اذْكُرْ. انْتَهَى. أَمَّا التَّخْرِيجُ الْأَوَّلُ فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّ فِيهِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ بِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَإِبْراهِيمَ، لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ شِيعَتِهِ وَمِنْ إِذْ، وَزَادَ الْمَنْعُ، إِذْ قَدَّرَهُ مِمَّنْ شَايَعَهُ حِينَ جَاءَ لَإِبْرَاهِيمَ. وَأَيْضًا فَلَامُ التَّوْكِيدِ يَمْنَعُ أَنْ يَعْمَلَ مَا قَبْلَهَا فِيمَا بَعْدَهَا. لَوْ قُلْتَ: إن ضاربا لقادم علينا زيدا، وتقديره: إن ضَارِبًا زَيْدًا لَقَادِمٌ عَلَيْنَا، لَمْ يَجُزْ. وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ اذْكُرْ، فَهُوَ الْمَعْهُودُ عِنْدَ الْمُعْرِبِينَ. وَمَجِيئُهُ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ: إِخْلَاصُهُ الدِّينَ لِلَّهِ، وَسَلَامَةُ قَلْبِهِ: بَرَاءَتُهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالشَّكِّ وَالنَّقَائِصِ الَّتِي تَعْتَرِي الْقُلُوبَ مِنَ الْغِلِّ وَالْحَسَدِ وَالْخُبْثِ وَالْمَكْرِ وَالْكِبْرِ وَنَحْوِهَا. قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لم يلعن شَيْئًا قَطُّ. وَقِيلَ:
سَلِيمٌ مِنَ الشِّرْكِ وَلَا مَعْنًى لِلتَّخْصِيصِ. وَأَجَازُوا فِي نَصْبِ أَإِفْكاً وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِتُرِيدُونَ، وَالتَّهْدِيدُ لِأُمَّتِهِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عَطِيَّةَ غَيْرَ هَذَا الْوَجْهِ، وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ قَالَ: فَسَّرَ الْإِفْكَ بِقَوْلِهِ: آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ، عَلَى أَنَّهَا إِفْكٌ فِي

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست