responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 559
سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ [1] .
وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى الْعَرَبِ كِتَابًا قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَلَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْمَعْنَى: مِنْ أَيْنَ كَذَّبُوا، وَلَمْ يَأْتِهِمْ كِتَابٌ، وَلَا نَذِيرٌ بِذَلِكَ؟ وَقِيلَ: وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ قوم آمنون، أَهْلُ جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا مِلَّةَ لَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ وَلَا بِعْثَةِ رَسُولٍ. كَمَا قَالَ: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ [2] ، فَلَيْسَ لِتَكْذِيبِهِمْ وَجْهٌ مُثْبَتٌ، وَلَا شُبْهَةُ تَعَلُّقٍ. كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانُوا مُبْطِلِينَ: نَحْنُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالشَّرَائِعِ، وَمُسْتَنِدُونَ إِلَى رُسُلٍ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ. وَقِيلَ:
الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِآرَائِهِمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ سِحْرٌ، وَبَعْضُهُمُ افْتِرَاءٌ، وَلَا يَسْتَنِدُونَ فِيهِ إِلَى أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، وَلَا إِلَى خَبَرِ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ. فَإِنَّا آتَيْنَاهُمْ كُتُبًا يَدْرُسُونَهَا، وَلَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رَسُولًا وَلَا نَذِيرًا فَيُمْكِنُهُمْ أَنْ يَدَّعُوَا، أَنَّ أَقْوَالَهُمْ تَسْتَنِدُ إِلَى أَمْرِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَدْرُسُونَها، مُضَارِعُ دَرَسَ مخففا وأبو حَيْوَةَ: بِفَتْحِ الدَّالِ وَشَدِّهَا وَكَسْرِ الرَّاءِ، مُضَارِعُ ادَّرَسَ، افْتَعَلَ مِنَ الدَّرْسِ، وَمَعْنَاهُ: تَتَدَارَسُونَهَا. وَعَنْ أَبِي حَيْوَةَ أَيْضًا: يُدَرَّسُونَهَا، مِنَ التَّدْرِيسِ، وَهُوَ تَكْرِيرُ الدَّرْسِ، أَوْ مِنْ دُرِسَ الْكِتَابُ مُخَفَّفًا، وَدُرِّسَ الْكِتَابُ مُشَدَّدًا التَّضْعِيفُ بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ. وَمَعْنَى قَبْلَكَ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَيْ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ نَذِيرٍ يُشَافِهُهُمْ بِشَيْءٍ، وَلَا يُبَاشِرُ أَهْلَ عَصْرِهِمْ، وَلَا مِنْ قُرْبٍ مِنْ آبَائِهِمْ. وَقَدْ كَانَتِ النِّذَارَةُ فِي الْعَالَمِ، وَفِي الْعَرَبِ مَعَ شُعَيْبٍ وَصَالِحٍ وَهُودٍ. وَدَعْوَةُ اللَّهِ وَتَوْحِيدُهُ قَائِمٌ لَمْ تَخْلُ الْأَرْضُ مِنْ دَاعٍ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: مِنْ نَذِيرٍ يَخْتَصُّ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَقِيَتْ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانَ عِنْدَ الْعَرَبِ كَثِيرٌ مِنْ نِذَارَةِ إِسْمَاعِيلَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا [3] ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَجَرَّدْ لِلنِّذَارَةِ، وَقَاتَلَ عَلَيْهَا، إِلَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انْتَهَى.
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: تَوَعُّدٌ لَهُمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ، وَتَسْلِيَةٌ لِرَسُولِهِ بِأَنَّ عَادَتَهُمْ فِي التَّكْذِيبِ عَادَةُ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَسَيَحِلُّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ.
وَأَنَّ الضَّمِيرَيْنِ فِي: بَلَغُوا وَفِي: مَا آتَيْناهُمْ عَائِدَانِ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، لِيَتَنَاسَقَا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكَذَّبُوا، أَيْ مَا بَلَغُوا فِي شُكْرِ النِّعْمَةِ وَجَزَاءِ الْمِنَّةِ مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ مِنَ النِّعَمِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ: الضَّمِيرُ فِي بَلَغُوا لِقُرَيْشٍ، وَفِي مَا آتَيْناهُمْ لِلْأُمَمِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَالْمَعْنَى: وَمَا بَلَغَ هَؤُلَاءِ بَعْضَ مَا آتَيْنَا أُولَئِكَ مِنْ طُولِ الْأَعْمَارِ وَقُوَّةِ الْأَجْسَامِ وَكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ، وحيث كذبوا رسلي

[1] سورة الروم: 30/ 35.
[2] سورة الزخرف: 43/ 21. [.....]
[3] سورة مريم: 19/ 54.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست