responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 543
مُعَيَّنَةً لِلَّهِ، فَأُبْطِلَ بِقَوْلِهِ: وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَقَائِلٌ: نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ الَّتِي هِيَ صُوَرُ الْمَلَائِكَةِ لِيَشْفَعُوا لَنَا، فَأُبْطِلَ بِقَوْلِهِ: وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ، الْجُمْلَةُ، وأل فِي الشَّفَاعَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلْعُمُومِ، أَيْ شَفَاعَةُ جَمِيعِ الْخَلْقِ. وَقِيلَ: لِلْعَهْدِ، أَيْ شَفَاعَةُ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي زَعَمُوهَا شُرَكَاءَ وَشُفَعَاءَ. انْتَهَى، وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: اللَّامُ فِي لِمَنْ أَذِنَ لَهُ يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالشَّفَاعَةِ، لِأَنَّكَ تَقُولُ: أَشْفَعْتُ لَهُ، وَأَنْتَ تَعَلَّقَ بتنفع. انْتَهَى، وَهَذَا فِيهِ قِلَّةٌ، لِأَنَّ الْمَفْعُولَ مُتَأَخِّرٌ، فَدُخُولُ اللَّامِ عَلَيْهِ قَلِيلٌ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ:
أُذِنَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِفَتْحِهَا، أَيْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ:
قُلُوبِهِمْ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَتْ عَلَيْهِ الضَّمَائِرُ الَّتِي لِلْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ: لَا يَمْلِكُونَ، وفي ما لَهُمْ، وما لَهُ مِنْهُمْ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ دَعَوْهُمْ آلِهَةً وَشُفَعَاءَ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ:
إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ منهم.
وحَتَّى: تَدُلُّ عَلَى الْغَايَةِ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ عَائِدٌ عَلَى أَنَّ حَتَّى غَايَةٌ لَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا هُمْ شُفَعَاءُ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ، بَلْ هُمْ عَبْدَةٌ أَوْ مُسْلِمُونَ أَبَدًا، يَعْنِي مُنْقَادُونَ، حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ. قَالَ: وَتَظَاهَرَتِ
الْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ قَوْلَهُ: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، إِنَّمَا هِيَ فِي الْمَلَائِكَةِ إِذَا سَمِعَتِ الْوَحْيَ، أَيْ جِبْرِيلَ
، وَبِالْأَمْرِ يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ سَمِعَتْ، كَجَرِّ سِلْسِلَةِ الْحَدِيدِ عَلَى الصَّفْوَانِ، فَتَفْزَعُ عِنْدَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا وَهَيْبَةً. وَقِيلَ: خَوْفٌ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا فُزِّعَ ذَلِكَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، أَيْ أُطِيرَ الْفَزَعُ عَنْهَا وَكُشِفَ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لبعض ولجبريل: مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ فَيَقُولُ المسؤلون: قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، وَبِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ فِي صَدْرِ الْآيَاتِ تَتَّسِقُ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى الْأُولَى، وَمَنْ لَمْ يَشْعُرْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُشَارٌ إِلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِهِ: الَّذِينَ زَعَمْتُمْ لَمْ تَتَّصِلْ لَهُ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا، فَلِذَلِكَ اضْطَرَبَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِهَا حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْكُفَّارِ، بَعْدَ حُلُولِ الْمَوْتِ: فَفُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ بِفَقْدِ الْحَيَاةِ، فَرَأَوُا الْحَقِيقَةَ، وَزَالَ فَزَعُهُمْ مِمَّا يُقَالُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُمْ حِينَئِذٍ:
مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: قَالَ الْحَقَّ، يُقِرُّونَ حِينَ لَا ينفعهم الْإِقْرَارُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْآيَةُ فِي جَمِيعِ الْعَالَمِ. وَقَوْلُهُ: حَتَّى، يُرِيدُ فِي الْآخِرَةِ، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَلَائِكَةِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الَّذِي تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ، وَهَذَا بِعِيدٌ. انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ الضَّمِيرُ فِي عَنْ قُلُوبِهِمْ لَا يَعُودُ عَلَى الَّذِينَ زَعَمْتُمْ، كَانَ عَائِدًا عَلَى مَنْ عَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِمْ عَائِدًا عَلَى جَمِيعِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 543
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست