responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 538
وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ: قَدْ ذُكِرَ أَنَّ الْغَادِيَ يَقِيلُ فِي قَرْيَةٍ، وَالرَّائِحَ فِي أُخْرَى، إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى مَقْصُودِهِ آمِنًا مِنْ عَدُوٍ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ وَآفَاتِ الْمُسَافِرِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: مَقَادِيرُ الْمَرَاحِلِ كَانَتِ الْقُرَى عَلَى مَقَادِيرِهَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَقَادِيرُ الْمَقِيلِ وَالْمَبِيتِ، وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: بَيْنَ كُلِّ قَرْيَةٍ وَقَرْيَةٍ مِقْدَارٌ وَاحِدٌ مَعْلُومٌ، وَقِيلَ: بَيْنَ كُلِّ قَرْيَتَيْنِ نِصْفُ يَوْمٍ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: سِيرُوا، أَمْرٌ حَقِيقَةً عَلَى لِسَانِ أَنْبِيَائِهِمْ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَا قَوْلَ ثَمَّ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا مُكِّنُوا مِنَ السَّيْرِ، وَسُوِّيَتْ لَهُمْ أَسْبَابُهُ، فَكَأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِذَلِكَ وَأُذِنَ لَهُمْ فِيهِ.
انْتَهَى. وَدُخُولُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَكَأَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ، وَالصَّوَابُ كَأَنَّهُمْ لِأَنَّهُ خَبَرُ لَكِنَّهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانُوا يَسِيرُونَ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي أَمَانٍ، وَلَوْ وَجَدَ الرَّجُلُ قَاتِلَ ابْنِهِ لَمْ يُهِجْهُ، وَكَانَ الْمُسَافِرُ لَا يَأْخُذُ زَادًا وَلَا سِقَاءً مِمَّا بَسَطَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ النِّعَمِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: سِيرُوا فِيها، إِنْ شِئْتُمْ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ شِئْتُمْ بِالنَّهَارِ، فَإِنَّ الْأَمْنَ فِيهَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ أَوْ سِيرُوا فِيهَا آمِنِينَ وَلَا تَخَافُونَ، وَإِنْ تَطَاوَلَتْ مُدَّةُ أَسْفَارِكُمْ فِيهَا وَامْتَدَّتْ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ أَوْ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَكُمْ وَأَيَّامَكُمْ مُدَّةَ أَعْمَارِكُمْ، فَإِنَّكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ وَزَمَانٍ لَا تُلْقُونَ فِيهَا إِلَّا آمَنِينَ.
انْتَهَى. وَقَدَّمَ اللَّيَالِيَ، لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْخَوْفِ لِمَنْ قَالَ: وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِالْأَمْنِ، حَتَّى يُسَاوِيَ اللَّيْلُ النَّهَارَ فِي ذَلِكَ.
وَلَمَّا طَالَتْ بِهِمْ مُدَّةُ النِّعْمَةِ بَطَرُوا وَمَلُّوا الْعَافِيَةَ، وَطَلَبُوا اسْتِبْدَالَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ، كَمَا فَعَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَقَالُوا: لَوْ كَانَ جَنْيُ ثِمَارِنَا أَبْعَدَ لَكَانَ أَشْهَى وَأَغْلَى قِيمَةً، فَتَمَنَّوْا أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الشَّامِ مَفَاوِزَ لِيُرَكِّبُوا الرَّوَاحِلَ فِيهَا وَيَتَزَوَّدُوا الْأَزْوَادَ فَقَالُوا:
رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا. وَقَرَأَ جُمْهُورُ السَّبْعَةِ: رَبَّنَا بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ، بَاعِدْ: طَلَبٌ وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَهِشَامٌ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُمْ شَدَّدُوا الْعَيْنَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَمْرُو بْنُ فَائِدٍ: رَبُّنَا رَفْعًا، بَعَدَ فِعْلًا مَاضِيًا مُشَدَّدَ الْعَيْنِ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا وَأَبُو رَجَاءٍ، وَالْحَسَنُ، وَيَعْقُوبُ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ يَعْمَرَ أَيْضًا وَأَبُو صَالِحٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْكَلْبِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَلَّامٌ، وَأَبُو حَيْوَةَ:
كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ بِأَلِفٍ بَيْنِ الْبَاءِ وَالْعَيْنِ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ أَخِي الْحُسَيْنِ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَابْنُ السَّمَيْفَعِ: رَبَّنَا بِالنَّصْبِ، بَعُدَ بِضَمِّ الْعَيْنِ
فِعْلًا مَاضِيًا بَيْنَ بِالنَّصْبِ، إِلَّا سَعِيدًا مِنْهُمْ، فَضَمَّ نُونَ بَيْنَ جَعَلَهُ فَاعِلًا، وَمَنْ نَصَبَ، فَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى السَّيْرِ، أَيْ أَبْعِدِ السَّيْرَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا، فَمَنْ نَصَبَ رَبَّنَا جَعَلَهُ نِدَاءً، فَإِنْ جَاءَ بَعْدَهُ طَلَبٌ كَانَ ذَلِكَ أَشَرًا مِنْهُمْ وَبَطَرًا وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ فِعْلًا مَاضِيًا كَانَ ذَلِكَ شَكْوَى مِمَّا أَحَلَّ بِهِمْ مِنْ بُعْدِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 538
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست