responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 525
بِتَرْجِيعٍ وَتَحْزِينٍ، وَكَانَتِ الْجِبَالُ تُسَاعِدُهُ عَلَى نَوْحِهِ بِأَصْدَائِهَا وَالطَّيْرُ بِأَصْوَاتِهَا. انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: كَمَا خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَةِ، يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَسْمَعُ مُوسَى هُوَ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الشَّجَرَةِ مِنَ الْكَلَامِ، لَا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: تُسَاعِدُهُ الْجِبَالُ عَلَى نَوْحِهِ بِأَصْدَائِهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الصَّدَى لَيْسَ بِصَوْتِ الْجِبَالِ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ تَعَالَى نَادَى الْجِبَالَ وَأَمَرَهَا بِأَنْ تُؤَوِّبَ مَعَهُ، وَالصَّدَى لَا تُؤْمَرُ الْجِبَالُ بِأَنْ تَفْعَلَهُ، إِذْ لَيْسَ فِعْلًا لَهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ آثَارِ صَوْتِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى مَا يَقُومُ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى أَوِّبِي مَعَهُ: سِيرِي مَعَهُ أَيْنَ سَارَ، وَالتَّأْوِيبُ: سَيْرُ النَّهَارِ. كَانَ الْإِنْسَانُ يَسِيرُ اللَّيْلَ ثُمَّ يَرْجِعُ لِلسَّيْرِ بِالنَّهَارِ، أَيْ يُرَدِّدُهُ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
لَحِقْنَا بِحَيٍّ أَوَّبُوا السَّيْرَ بعد ما ... رَفَعْنَا شُعَاعَ الشَّمْسِ وَالطَّرْفُ تَجْنَحُ
وَقَالَ آخَرُ:
يَوْمَانِ يَوْمُ مَقَامَاتٍ وَأَنْدِيَةٍ ... وَيَوْمُ سَيْرٍ إِلَى الْأَعْدَاءِ تَأْوِيبِ
وَقِيلَ: أَوِّبِي: تَصَرَّفِي مَعَهُ عَلَى مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ. فَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ، صَوَّتَتِ الْجِبَالُ مَعَهُ وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ الطَّيْرُ، فَكَأَنَّهَا فَعَلَتْ مَا فَعَلَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: أُوبِي، أَمْرٌ مِنْ أَوَبَ: أَيْ رَجِّعِي مَعَهُ فِي التَّسْبِيحِ، أَوْ فِي السَّيْرِ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
فَأَمْرُ الْجِبَالِ كَأَمْرِ الْوَاحِدَةِ الْمُؤَنَّثَةِ، لِأَنَّ جَمْعَ مَا لَا يَعْقِلُ يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، وَمِنْهُ: يَا رَبِّ أُخْرَى، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَعْقِلُ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَكْنَا الْخَيْلَ وَالنَّعَمَ الْمُفَدَّى ... وَقُلْنَا لِلنِّسَاءِ بِهَا أَقِيمِي
لَكِنْ هَذَا قَلِيلٌ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَالطَّيْرَ، بِالنَّصْبِ عطفا على موضع يا جِبالُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: وَسَخَّرْنَا لَهُ الطَّيْرَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: عَطْفًا عَلَى فَضْلًا، أَيْ وَتَسْبِيحَ الطَّيْرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ. انْتَهَى، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ قَبْلَهُ مَعَهُ، وَلَا يَقْتَضِي الْفِعْلُ اثْنَيْنِ مِنَ الْمَفْعُولِ مَعَهُ إِلَّا عَلَى الْبَدَلِ أَوِ الْعَطْفِ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ: جَاءَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو مَعَ زَيْنَبَ إِلَّا بِالْعَطْفِ، كَذَلِكَ هَذَا. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ، وَابْنُ هُرْمُزَ، وَأَبُو يَحْيَى، وَأَبُو نَوْفَلٍ، وَيَعْقُوبُ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةٍ: وَالطَّيْرُ، بِالرَّفْعِ، عَطْفًا على لفظ يا جِبالُ وَقِيلَ: عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي أَوِّبِي، وَسَوَّغَ ذَلِكَ الْفَصْلُ بِالظَّرْفِ وَقِيلَ: رَفْعًا بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ وَالطَّيْرُ تُؤَوِّبُ. وَإِلَانَةُ الْحَدِيدِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: صَارَ كَالشَّمْعِ. وَقَالَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 525
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست