responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 488
الْبَصَائِرِ، كَمَا يَمُدُّ بِنُورِ السِّرَاجِ نُورَ الْأَبْصَارِ. وَوَصَفَهُ بِالْإِنَارَةِ، لِأَنَّ مِنَ السِّرَاجِ مَا لَا يُضِيءُ إِذَا قَلَّ سَلِيطُهُ وَدَقَّتْ فَتِيلَتُهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شاهِداً، أَيْ وَذَا سِرَاجٍ مُنِيرٍ، أَيْ كِتَابٍ نَيِّرٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنْ شِئْتَ كَانَ نَصْبًا عَلَى مَعْنَى: وَتَالِيًا سِرَاجًا مُنِيرًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى كَافِ أَرْسَلْناكَ. انْتَهَى. وَلَا يَتَّضِحُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ، إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى: أَرْسَلْنَا ذَا سِرَاجٍ مُنِيرٍ، وَهُوَ الْقُرْآنُ. وَلَا يُوصَفُ بِالْإِرْسَالِ الْقُرْآنُ، إِنَّمَا يُوصَفُ بِالْإِنْزَالِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا كَانَ التَّقْدِيرُ: وَتَالِيًا، يَصِيرُ الْمَعْنَى: أَرْسَلْنَا تَالِيًا سِرَاجًا مُنِيرًا، فَفِيهِ عَطْفُ الصِّفَةِ الَّتِي لِلذَّاتِ عَلَى الذَّاتِ، كَقَوْلِكَ:
رَأَيْتُ زَيْدًا وَالْعَالِمَ. إِذَا كَانَ الْعَالِمُ صِفَةً لِزَيْدٍ، وَالْعَطْفُ مُشْعِرٌ بِالتَّغَايُرِ، لَا يَحْسُنُ مِثْلُ هَذَا التَّخْرِيجِ فِي كَلَامِ اللَّهِ، وَثُمَّ حُمِلَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْفَصَاحَةُ وَالْبَلَاغَةُ.
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَرْسَلَ نَبِيَّهُ شاهِداً إِلَى آخِرِهِ، تَضَمَّنَ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِتِلْكَ الْأَحْوَالِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فَاشْهَدْ وَبَشِّرْ وَأَنْذِرْ وَادْعُ وَانْهَ، ثُمَّ قَالَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ فَهَذَا مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ يَظْهَرُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَالْفَضْلُ الْكَبِيرُ الثَّوَابُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لِلْعَطَايَا فُضُولٌ وَفَوَاضِلُ، أَوِ الْمَزِيدُ عَلَى الثَّوَابِ. وَإِذَا ذُكِرَ الْمُتَفَضَّلُ بِهِ وَكِبَرُهُ، فَمَا ظَنُّكَ بِالثَّوَابِ؟ أَوْ مَا فُضِّلُوا بِهِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ تَعَالَى، أَوِ الْجَنَّةِ وَمَا أُوتُوا فِيهَا، وَيُفَسِّرُهُ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [1] . وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ: نَهْيٌ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ السَّمَاعِ مِنْهُمْ فِي أَشْيَاءَ كَانُوا يَطْلُبُونَهَا مِمَّا لَا يَجِبُ، وَفِي أَشْيَاءَ يَنْتَصِحُونَ بِهَا وَهِيَ غِشٌّ. وَدَعْ أَذاهُمْ: الظَّاهِرُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْمَفْعُولِ. لَمَّا نَهَى عَنْ طَاعَتِهِمْ، أَمَرَ بِتَرْكِهِ إِذَايَتَهُمْ وَعُقُوبَتَهُمْ، وَنُسِخَ مِنْهُ مَا يَخُصُّ الْكَافِرِينَ بِآيَةِ السَّيْفُ.
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَنْصُرُكَ وَيَخْذُلُهُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُضَافًا لِلْفَاعِلِ، أَيْ وَدَعْ إِذَايَتَهُمْ إِيَّاكَ، أَيْ مُجَازَاةَ الْإِذَايَةِ مِنْ عِقَابٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تُؤْمَرَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ مُجَاهِدٍ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي

[1] سورة الشورى: 42/ 22.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست