responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 475
وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَسْتُنَّ كَجَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَدْ قُلْنَا: إِنَّ قَوْلَهُ لَسْتُنَّ مَعْنَاهُ: لَيْسَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ، فَهُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةٍ، لَيْسَ حُكْمًا عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ. وَقُلْنَا: إِنَّ مَعْنَى كَأَحَدٍ: كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، فَأَبْقَيْنَا أَحَدًا عَلَى مَوْضُوعِهِ مِنَ التَّذْكِيرِ، وَلَمْ نَتَأَوَّلْهُ بِجَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَمَّا وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [1] ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لِلنَّفْيِ الْعَامِّ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَعَمَّ وَصَلُحَتِ الْبَيْنِيَّةُ لِلْعُمُومِ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَيَكُونُ قَدْ حُذِفَ مَعْطُوفٌ، أَيْ بَيْنَ وَاحِدٍ وَوَاحِدٍ مِنْ رُسُلِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْرِ لَوْ جا سالما ... أبو حجر إلا لَيَالٍ قَلَائِلُ
أَيْ: لَسْتُنَّ مِثْلَهُنَّ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ اللَّهَ، وَذَلِكَ لَمَّا انْضَافَ مَعَ تَقْوَى اللَّهِ مِنْ صُحْبَةِ الرسول وَعَظِيمِ الْمَحَلِّ مِنْهُ، وَنُزُولِ الْقُرْآنِ فِي بَيْتِهِنَّ وَفِي حَقِّهِنَّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنِ اتَّقَيْتُنَّ:
إِنْ أَرَدْتُنَّ التَّقْوَى، وَإِنْ كُنَّ مُتَّقِيَاتٍ. فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ: فَلَا تُجِبْنَ بِقَوْلِكُنَّ خَاضِعًا، أَيْ لَيِّنًا خَنِثًا، مِثْلَ كَلَامِ الْمُرِيبَاتِ وَالْمُومِسَاتِ. فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ: أَيْ رِيبَةً وَفُجُورًا. انْتَهَى. فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ قَيْدًا فِي كَوْنِهِنَّ لَسْنَ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَيَكُونُ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفًا. وَعَلَى مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، يَكُونُ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ابْتِدَاءَ شَرْطٍ، وَجَوَابُهُ فَلا تَخْضَعْنَ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا حُمِلَ. إِنِ اتَّقَيْتُنَّ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الِاسْتِعْمَالِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: إِنِ اسْتَقْبَلْتُنَّ أَحَدًا، فَلا تَخْضَعْنَ. وَاتَّقَى بِمَعْنَى: اسْتَقْبَلَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ، قَالَ النَّابِغَةُ:
سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ ... فتناولته واتقتنا باليد
أي: اسْتَقْبَلَتْنَا بِالْيَدِ، وَيَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى أَبْلَغَ فِي مَدْحِهِنَّ، إِذْ لَمْ يُعَلِّقْ فَضِيلَتَهُنَّ عَلَى التَّقْوَى، وَلَا عَلَّقَ نَهْيَهُنَّ عَنِ الْخُضُوعِ بِهَا، إِذْ هُنَّ مُتَّقِيَاتٌ لِلَّهِ فِي أَنْفُسِهِنَّ، وَالتَّعْلِيقُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُنَّ لَسْنَ مُتَحَلِّيَاتٍ بِالتَّقْوَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تُرَخِّصْنَ بِالْقَوْلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تَكَلَّمْنَ بِالرَّفَثِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا تَكَلَّمْنَ بِمَا يَهْوَى الْمُرِيبُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ:
الْخُضُوعُ بِالْقَوْلِ مَا يُدْخِلُ فِي الْقَلْبِ الْغَزَلَ. وَقِيلَ: لَا تُلِنَّ لِلرِّجَالِ الْقَوْلَ. أَمَرَ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ خَيْرًا، لَا عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةَ مَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنْ اللِّينِ، كما كان

[1] سورة النساء: 4/ 152.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 475
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست