responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 431
فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، مِقْدارُهُ: أَنْ لَوْ سِيرَ فِيهِ السَّيْرَ الْمَعْرُوفَ مِنَ الْبَشَرِ أَلْفَ سَنَةٍ، لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: الضَّمِيرُ فِي مِقْدَارُهُ عَائِدٌ عَلَى التَّدْبِيرِ، أَيْ كَانَ مِقْدَارُ التَّدْبِيرِ الْمُنْقَضِي فِي يَوْمٍ أَلْفَ سَنَةٍ لَوْ دَبَّرَهُ الْبَشَرُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: يُدَبِّرُ وَيُلْقِي إِلَى الْمَلَائِكَةِ أُمُورَ أَلْفِ سَنَةٍ مِنْ عِنْدِنَا، وَهُوَ الْيَوْمُ عِنْدَهُ، فَإِذَا فَرَغَتْ أَلْقَى إِلَيْهِمْ مِثْلَهَا. فَالْمَعْنَى: أَنَّ الْأُمُورَ تُنَفَّذُ عَنْهُ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ وَتَصِيرُ إِلَيْهِ آخِرًا، لِأَنَّ عَاقِبَةَ الْأُمُورِ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى يُدَبِّرُهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَيَنْزِلُ الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ، ثُمَّ تَعْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمِقْدَارُهُ مَا ذُكِرَ لِيَحْكُمَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، حَيْثُ يَنْقَطِعُ أَمْرُ الْأُمَرَاءِ، أَوْ أَحْكَامُ الْحُكَّامِ، وَيَنْفَرِدُ بِالْأَمْرِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ بِأَلْفِ سَنَةٍ، وَهُوَ على الكفار قدر خمسين أَلْفِ سَنَةٍ حَسْبَمَا فِي سُورَةِ سَأَلَ سَائِلٌ، وَتَأْتِي الْأَقْوَالُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ:
يَنْزِلُ الْوَحْيُ مَعَ جِبْرِيلَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ قَبُولِ الْوَحْيِ أَوْ رَبِّهِ مَعَ جِبْرِيلَ، وَذَلِكَ فِي وَقْتٍ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَلْفُ سَنَةٍ، لِأَنَّ الْمَسَافَةَ مَسِيرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ فِي الْهُبُوطِ وَالصُّعُودِ، لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، وَهُوَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِكُمْ لِسُرْعَةِ جِبْرِيلَ، لِأَنَّهُ يَقْطَعُ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَبِدَايَةُ الْأَمْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، يُنْزِلُهُ مُدَبَّرًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِهِ خَالِصًا كَمَا يُرِيدُهُ وَيَرْتَضِيهِ، إِلَّا فِي مُدَّةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، لِقِلَّةِ الْأَعْمَالِ لِلَّهِ وَالْخُلُوصِ مِنْ عِبَادِهِ، وَقِلَّةِ الْأَعْمَالِ الصَّاعِدَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالصُّعُودِ إِلَّا الْخَالِصُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى أَثَرِهِ: قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: يُدَبِّرُ أَمْرَ الشَّمْسِ فِي طُلُوعِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ وَغُرُوبِهَا فِي الْمَغْرِبِ، وَمَدَارِهَا فِي الْعَالَمِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، لِأَنَّهَا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ تَطْلُعُ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ، وَتَرْجِعَ إِلَى مَوْضِعِهَا مِنَ الطُّلُوعِ فِي يَوْمٍ مِقْدَارُهُ فِي الْمَسَافَةِ أَلْفُ سَنَةٍ. وَالضَّمِيرُ فِي إِلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى السَّمَاءِ، لِأَنَّهَا تُذَكَّرُ وَقِيلَ: إِلَى اللَّهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَابِطٍ: يُدَبِّرُ أَمْرَ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: جِبْرِيلُ لِلرِّيَاحِ وَالْجُنُودُ، وَمِيكَائِيلُ لِلْقَطْرِ وَالْمَاءِ، وَمَلَكُ الموت لقبض الأرواح، وإسرافيل لِنُزُولِ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ.
وَقِيلَ: الْعَرْشُ مَوْضِعُ التَّدْبِيرِ، وَمَا دُونَهُ مَوْضِعُ التَّفْصِيلِ، وَمَا دون السموات مَوْضِعُ التَّعْرِيفِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْأَمْرُ: الْوَحْيُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْقَضَاءُ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: أَمْرُ الدُّنْيَا. قَالَ الزَّجَّاجَ: تَقُولُ عَرَّجْتُ فِي السُّلَّمِ أَعْرُجُ، وَعَرَجَ الرَّجُلُ يَعْرُجُ إِذَا صَارَ أَعْرَجَ.
وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: يَعْرُجُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَالْجُمْهُورُ: مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: وَفِي هَذَا لَطِيفَةٌ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَالَمَ الْأَجْسَامِ وَالْخَلْقَ، وَأَشَارَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست