responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 421
الَّذِي فِي الْبَحْرِ وَمَا يَمُدُّهُ، كَمَا قَالَ: لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي [1] الْآيَةَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: زَعَمْتَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ، حَالٌ فِي أَحَدِ وَجْهَيِ الرَّفْعِ، وَلَيْسَ فِيهِ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ إِلَى ذِي الْحَالِ، قُلْتُ: هُوَ كَقَوْلِهِ:
وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكْنَاتِهَا وَجِئْتُ وَالْجَيْشُ مُصْطَفٌّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي حُكْمُهَا حُكْمُ الظُّرُوفِ.
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَبَحْرُهَا، وَالضَّمِيرُ لِلْأَرْضِ. انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي جَعَلَهُ سُؤَالًا وَجَوَابًا مِنْ وَاضِحِ النَّحْوِ الَّذِي لا يجهله المبتدءون فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ إِذَا كانت حالا بِالْوَاوِ، لَا يُحْتَاجُ إِلَى ضَمِيرٍ يَرْبُطُ، وَاكْتُفِيَ بِالْوَاوِ فِيهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي حُكْمُهَا حُكْمُ الظُّرُوفِ، فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّ الظَّرْفَ إِذَا وَقَعَ حَالًا، فَفِي الْعَامِلِ فِيهِ ضَمِيرٌ يَنْتَقِلُ إِلَى الظَّرْفِ. وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ إِذَا كَانَتْ حَالًا بِالْوَاوِ، فَلَيْسَ فِيهَا ضَمِيرٌ مُنْتَقِلٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ، فَلَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ، حَيْثُ يَجْعَلُونَ أَلْ عِوَضًا مِنَ الضَّمِيرِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ قِيلَ: مِنْ شَجَرَةٍ، عَلَى التَّوْحِيدِ دُونَ اسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ شَجَرٌ؟ قُلْتُ: أُرِيدَ تَفْصِيلُ الشَّجَرِ وَنَقْضُهَا شَجَرَةً شَجَرَةً، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ جِنْسِ الشَّجَرِ وَاحِدَةٌ إِلَّا قَدْ بُرِيَتْ أَقْلَامًا. انْتَهَى. وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ مِمَّا أُوقِعَ فِيهِ الْمُفْرَدُ مَوْقِعَ الْجَمْعِ، وَالنَّكِرَةُ مَوْقِعَ الْمَعْرِفَةِ، وَنَظِيرُهُ: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ [2] ، مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ [3] ، وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ [4] وَكَقَوْلِ الْعَرَبِ: هُوَ أَوَّلُ فَارِسٍ، وَهَذَا أَفْضَلُ عَالِمٍ، يُرِيدُ مِنَ الْآيَاتِ وَمِنَ الرَّحَمَاتِ وَمِنَ الدَّوَابِّ، وَأَوَّلُ الْفُرْسَانِ. أَخْبَرُوا بِالْمُفْرَدِ وَالنَّكِرَةِ، وَأَرَادُوا بِهِ مَعْنَى الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ، وَهُوَ مَهْيَعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ. وَكَذَلِكَ يَتَقَدَّرُ هَذَا مِنَ الشَّجَرَاتِ، أَوْ مِنَ الْأَشْجَارِ. وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي تَكْثِيرِ الْأَقْلَامِ وَالْمِدَادِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَشْجَارَ مُشْتَمِلٌ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الْأَغْصَانِ الْكَثِيرَةِ، وَتِلْكَ الْأَغْصَانُ كُلُّ غُصْنٍ مِنْهَا يُقْطَعُ عَلَى قَدْرِ الْقَلَمِ، فَيَبْلُغُ عَدَدُ الْأَقْلَامِ فِي التَّنَاهِي إِلَى مَا لَا يَعْلَمُ بِهِ، وَلَا يُحِيطُ إِلَّا اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مَا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: كَلِمَةُ اللَّهِ، عَلَى التَّوْحِيدِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: مَا نَفِدَ، بِغَيْرِ تَاءٍ، كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: الْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا فِي الْمَعْدُومِ دُونَ مَا خَرَجَ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ. وَقَالَتْ فرقة:

[1] سورة الكهف: 18/ 109.
[2] سورة البقرة: 2/ 106. [.....]
[3] سورة فاطر: 35/ 2.
[4] سورة النحل: 16/ 49.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست