responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 416
بِذَلِكَ إِلَى جَمِيعِ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ. وَهَذِهِ الطَّاعَاتُ يَدُلُّ إِيصَاءُ لُقْمَانَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَأْمُورًا بِهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ. وَالْعَزْمُ: ضَبْطُ الْأَمْرِ وَمُرَاعَاةُ إِصْلَاحِهِ. وَقَالَ مُؤَرِّجٌ: الْعَزْمُ:
الْحَزْمُ، بِلُغَةِ هُذَيْلٍ. وَالْحَزْمُ وَالْعَزْمُ أَصْلَانِ، وَمَا قَالَهُ الْمُبَرِّدُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ قُلِبَتْ حَاءً لَيْسَ بشيء، لا طراد تَصَارِيفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ، فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا لِلْآخَرِ.
وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ: أَيْ لَا تُوَلِّهِمْ شِقَّ وَجْهِكَ، كَفِعْلِ الْمُتَكَبِّرِ، وَأَقْبِلْ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِكَ مِنْ غَيْرِ كِبْرٍ وَلَا إِعْجَابٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجَمَاعَةُ. قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ:
نَهَى أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَأَوْرَدَ قَرِيبًا مِنْ هَذَا ابْنُ عَطِيَّةَ احْتِمَالًا فَقَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ: وَلَا سُؤَالًا وَلَا ضَرَاعَةً بِالْفَقْرِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ، يَعْنِي تَأْوِيلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْجَمَاعَةِ، أَظْهَرُ لِدَلَالَةِ ذِكْرِ الِاخْتِيَالِ وَالْعَجْزِ بَعْدَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَلا تُصَعِّرْ، أَرَادَ بِهِ الْإِعْرَاضَ، كَهَجْرِهِ بِسَبِّ أَخِيهِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَعَاصِمٌ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: تُصَعِّرْ، بِفَتْحِ الصَّادِ وَشَدِّ الْعَيْنِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِأَلِفٍ وَالْجَحْدَرِيُّ: يُصَعِّرُ مُضَارِعَ أَصْعَرَ. وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي سُورَةِ سُبْحَانَ. إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي النِّسَاءِ عَلَى نَظِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً [1] . وَلَمَّا وَصَّى ابْنَهُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، إِذْ صَارَ هُوَ فِي نَفْسِهِ مُمْتَثِلًا لِلْمَعْرُوفِ مُزْدَجَرًا عَنِ الْمُنْكَرِ، أَمَرَ بِهِ غَيْرَهُ وَنَاهِيًا عَنْهُ غَيْرَهُ، نَهَاهُ عَنِ التَّكَبُّرِ عَلَى النَّاسِ وَالْإِعْجَابِ وَالْمَشْيِ مَرَحًا، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الْمُخْتَالَ، وَهُوَ الْمُتَكَبِّرُ، وَلَا الْفَخُورَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَهُوَ الَّذِي يُعَدِّدُ مَا أَعْطَى، وَلَا يَشْكُرُ اللَّهَ. وَيَدْخُلُ فِي الْفَخُورِ:
الْفَخْرُ بِالْأَنْسَابِ.
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ: وَلَمَّا نَهَاهُ عَنِ الْخُلُقِ الذَّمِيمِ، أَمَرَهُ بِالْخُلُقِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ الْقَصْدُ فِي المشي، بحيث لا يبطىء، كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَنَامِسُونَ وَالْمُتَعَاجِبُونَ، يتباطؤون فِي نَقْلِ خُطُوَاتِهِمُ الْمُتَنَامِسِينَ لِلرِّيَاءِ وَالْمُتَعَاجِبُ لِلتَّرَفُّعِ، وَلَا يُسْرِعُ، كَمَا يَفْعَلُ الْخَرِقُ الْمُتَهَوِّرُ. وَنَظَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فَقَالَ:
كُلُّكُمْ يَمْشِي رُوَيْدًا، كُلُّكُمْ يَطْلُبُ صَيْدًا، غَيْرَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ خَبَبِ الْيَهُودِ وَدَبِيبِ النَّصَارَى، وَلَكِنَّ مَشْيًا بَيْنَ ذَلِكَ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: اجْعَلْ بَصَرَكَ مَوْضِعَ قدمك. وقرىء: وَأَقْصِدْ، بِهَمْزَةِ الْقَطْعِ: أَيْ سَدِّدْ فِي مَشْيِكَ مِنْ أَقْصَدَهُ الرَّامِي إِذَا سَدَّدَ سَهْمَهُ نَحْوَ الرَّمِيَّةِ، وَنَسَبَهَا ابْنُ خَالَوَيْهِ لِلْحِجَازِ. وَالْغَضُّ مِنَ الصَّوْتِ: التَّنْقِيصُ مِنْ

[1] سورة النساء: 4/ 36.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست