responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 41
ذَهَبَ هَذَا النَّظَرُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ أَرَدْنَ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ وَفَصْلٌ كَثِيرٌ، وَأَيْضًا فَالْأَيَامَى يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، فَكَانَ لَوْ أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ التَّرْكِيبُ: إِنْ أَرَادُوا تَحَصُّنًا فَيُغَلَّبُ الْمُذَكَّرُ عَلَى الْمُؤَنَّثِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الشَّرْطُ مُلْغًى. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: هَذَا شَرْطٌ فِي الظَّاهِرِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَمَعَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ خَيْرًا صَحَّتِ الْكِتَابَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عِيسَى: جَاءَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ لِتَفْحِيشِ الْإِكْرَاهِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: لِأَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى سَبَبٍ فَوَقَعَ النَّهْيُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ انتهى. وعَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا هُوَ مَا يَكْسِبْنَهُ بِالزِّنَا. وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ جَوَابٌ لِلشَّرْطِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّقْدِيرَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لَهُمْ لِيَكُونَ جَوَابُ الشَّرْطِ فِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مِنَ الَّذِينَ هُوَ اسْمُ الشَّرْطِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِالتَّوْبَةِ.
وَلَمَّا غَفَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَأَبُو الْبَقَاءِ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ قَدَّرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لَهُنَّ أَيْ لِلْمُكْرَهَاتِ، فَعَرِيَتْ جُمْلَةُ جَوَابِ الشَّرْطِ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى اسم الشَّرْطِ. وَقَدْ ضَعَّفَ مَا قُلْنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ فَقَالَ: فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لَهُنَّ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُزِيلُ الْإِثْمَ وَالْعُقُوبَةَ مِنَ الْمُكْرَهِ فِيمَا فَعَلَ، وَالثَّانِي: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِلْمُكْرَهِ بِشَرْطِ التَّوْبَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْإِضْمَارِ.
وَعَلَى الثَّانِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ انْتَهَى. وَكَلَامُهُمْ كَلَامُ مَنْ لَمْ يُمْعِنِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ.
فَإِنْ قُلْتَ: قَوْلُهُ إِكْراهِهِنَّ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَعَ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفٌ، وَالْمَحْذُوفُ كَالْمَلْفُوظِ وَالتَّقْدِيرُ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِمْ إِيَّاهُنَّ وَالرَّبْطُ يَحْصُلُ بِهَذَا الْمَحْذُوفِ الْمُقَدَّرِ فَلْتُجِزِ الْمَسْأَلَةَ قُلْتُ: لَمْ يَعُدُّوا فِي الرَّوَابِطِ الْفَاعِلَ الْمَحْذُوفَ، تَقُولُ:
هِنْدٌ عَجِبْتُ مَنْ ضَرْبِهَا زَيْدًا فَتَجُوزُ الْمَسْأَلَةُ، وَلَوْ قُلْتَ هِنْدٌ عَجِبْتُ مِنْ ضَرْبٍ زَيْدًا لَمْ تَجُزْ.
وَلَمَّا قَدَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي أحد تقدير أنه لهن أورد سؤالا فَإِنْ قُلْتَ: لَا حَاجَةَ إِلَى تَعْلِيقِ الْمَغْفِرَةِ بِهِنَّ لِأَنَّ الْمُكْرَهَةَ عَلَى الزِّنَا بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فِي أَنَّهَا غَيْرُ آثِمَةٍ قُلْتُ: لَعَلَّ الْإِكْرَاهَ كَانَ دُونَ مَا اعْتَبَرَتْهُ الشَّرِيعَةُ مِنْ إِكْرَاهٍ بِقَتْلٍ أَوْ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ أَوْ ذَهَابُ الْعُضْوِ مِنْ ضَرْبٍ عَنِيفٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَسْلَمَ مِنَ الْإِثْمِ، وَرُبَّمَا قَصَّرَتْ عَنِ الْحَدِّ الَّذِي تُعْذَرُ فِيهِ فَتَكُونُ آثِمَةً انْتَهَى. وَهَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَقْدِيرِ لَهُنَّ.
وَقَرَأَ مُبَيِّناتٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ الْحَرَمِيَّانِ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ أَيْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَأَوْضَحَ آيَاتٍ تَضَمَّنَتْ أَحْكَامًا وَحُدُودًا وَفَرَائِضَ، فَتِلْكَ الْآيَاتُ هِيَ الْمُبَيَّنَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مُبَيِّنًا فِيهَا ثُمَّ اتَّسَعَ فَيَكُونُ الْمُبَيِّنُ فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرَهَا. وَهِيَ ظَرْفٌ لِلْمُبِينِ. وَقَرَأَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست