responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 409
عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ ذلك. لِلْمُحْسِنِينَ: الذين يَعْمَلُونَ الْحَسَنَاتِ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا. كَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْإِيقَانِ بِالْآخِرَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ أَوْسٍ:
الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ ال ... ظَّنَّ كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا
حُكِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَلْمَعِيِّ فَأَنْشَدَهُ وَلَمْ يَزِدْ، وَخُصَّ الْمُحْسِنُونَ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ انْتَفَعُوا بِهِ وَنَظَرُوهُ بِعَيْنِ الْحَقِيقَةِ. وَقِيلَ: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالْحَسَنِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَخُصَّ منهم القائمون بهذه الثلاثة، لِفَضْلِ الِاعْتِدَادِ بِهَا. وَمِنْ صِفَةِ الْإِحْسَانِ مَا جَاءَ
فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الْإِحْسَانَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ» .
وَقِيلَ: الْمُحْسِنُونَ:
الْمُؤْمِنُونَ. وَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ: هُمُ السُّعَدَاءُ. وَقَالَ ابْنُ شَجَرَةَ: هُمُ الْمُنْجِحُونَ. وَقِيلَ:
النَّاجُونَ، وَكَرَّرَ الْإِشَارَةَ إِلَيْهِمْ تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ قَدْرِهِمْ. وَلَمَّا ذَكَرَ مِنْ صِفَاتِ الْقُرْآنِ الْحِكْمَةَ، وَأَنَّهُ هُدًى وَرَحْمَةً، وَأَنَّ مُتَّبِعَهُ فَائِزٌ، ذَكَرَ حَالَ مَنْ يَطْلُبُ مَنْ بَدَّلَ الْحِكْمَةَ بِاللَّهْوِ، وَذَكَرَ مُبَالَغَتَهُ فِي ارْتِكَابِهِ حَتَّى جَعَلَهُ مُشْتَرِيًا لَهُ وَبَاذِلًا فِيهِ رَأْسَ عَقْلِهِ، وَذَكَرَ عِلَّتَهُ وَأَنَّهَا الْإِضْلَالُ عَنْ طَرِيقِ اللَّهِ.
وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ يَتَّجِرُ إِلَى فَارِسَ، وَيَشْتَرِي كُتُبَ الأعاجم، فيحدث قريشان بِحَدِيثِ رُسْتُمَ وَاسْفِنْدَارَ وَيَقُولُ: أَنَا أَحْسَنُ حَدِيثًا. وَقِيلَ: فِي ابْنِ خَطَلٍ، اشْتَرَى جَارِيَةً تُغَنِّي بِالسَّبِّ، وَبِهَذَا فُسِّرَ لَهْوَ الْحَدِيثِ: الْمَعَازِفَ وَالْغِنَاءَ.
وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «شِرَاءُ الْمُغَنِّيَاتِ وَبَيْعُهُمْ حَرَامٌ» ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَهْوَ الْحَدِيثِ: الشِّرْكُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ: الطَّبْلُ، وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ آلَةِ الْغِنَاءِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: التُّرَّهَاتُ. وَقِيلَ: السِّحْرُ. وَقِيلَ: مَا كَانَ يَشْتَغِلُ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ السِّبَابِ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا شَغَلَكَ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ، وَذِكْرِهِ مِنَ السِّحْرِ.
وَالْأَضَاحِيكِ وَالْخُرَافَاتِ وَالْغِنَاءِ. وَقَالَ سَهْلٌ: الْجِدَالُ فِي الدِّينِ وَالْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشِّرَاءَ هُنَا مَجَازٌ عَنِ اخْتِيَارِ الشَّيْءِ، وَصَرْفِ عَقْلِهِ بِكُلِّيَّتِهِ إِلَيْهِ. فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ، كَالْجَوَارِي الْمُغَنِّيَاتِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَكَكُتُبِ الْأَعَاجِمِ الَّتِي اشْتَرَاهَا النَّضْرُ فَالشِّرَاءُ حَقِيقَةٌ وَيَكُونُ عَلَى حَذْفٍ، أَيْ مَنْ يَشْتَرِي ذَاتَ لَهْوِ الْحَدِيثِ.
وَإِضَافَةُ لَهْوَ إِلَى الْحَدِيثِ هِيَ لِمَعْنَى مِنْ، لِأَنَّ اللَّهْوَ قَدْ يَكُونُ مِنْ حَدِيثٍ، فَهُوَ كَبَابٍ سَاجٍ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ: الْحَدِيثُ الْمُنْكَرُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَى مِنِ التَّبْعِيضِيَّةِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَ الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ اللَّهْوُ مِنْهُ. انْتَهَى.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو: لِيَضِلَّ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِضَمِّهَا. قَالَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست