responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 392
وضر هَنَا مُطْلَقٌ، وَفِي آخِرِ الْعَنْكَبُوتِ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ [1] لِأَنَّهُ فِي مَخْصُوصِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ، وَالضُّرُّ هُنَاكَ مُعَيَّنٌ، وَهُوَ مَا يُتَخَوَّفُ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ. إِذا هُمْ:
أَيْ رُكَّابُ الْبَحْرِ عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. وَاللَّامُ فِي لِيَكْفُرُوا لَامُ كَيْ، أَوْ لَامُ الْأَمْرِ لِلتَّهْدِيدِ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي آخِرِ الْعَنْكَبُوتِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، بِالتَّاءِ فِيهِمَا. وَقَرَأَ أبو العالية: فيتمتعوا، بالياء، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى لِيَكْفُرُوا. فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ: بِالْيَاءِ، عَلَى التَّهْدِيدِ لَهُمْ. وَعَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ: فَيَتَمَتَّعُوا، بِيَاءٍ قَبْلَ التَّاءِ، عَطْفٌ أَيْضًا عَلَى لِيَكْفُرُوا، أَيْ لِتَطُولَ أَعْمَارُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَعَنْهُ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ: فَلْيَتَمَتَّعُوا. وَقَالَ هَارُونُ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ: يمتعوا. أَمْ أَنْزَلْنا، أَمْ: بِمَعْنَى بَلْ، وَالْهَمْزَةُ لِلْإِضْرَابِ عَنِ الْكَلَامِ السَّابِقِ، وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنِ الْحُجَّةِ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ وَتَوْبِيخٍ. وَالسُّلْطَانُ: الْبُرْهَانُ، مِنْ كِتَابٍ أَوْ نَحْوِهِ. فَهُوَ يَتَكَلَّمُ: أَيْ يُظْهِرُ مَذْهَبَهُمْ وَيَنْطِقُ بِشِرْكِهِمْ، وَالتَّكَلُّمُ مَجَازٌ لِقَوْلِهِ: هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [2] . وهو يَتَكَلَّمُ: جَوَابٌ لِلِاسْتِفْهَامِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ أَمْ، كَأَنَّهُ قَالَ:
بَلْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا، أَيْ بُرْهَانًا شَاهِدًا لَكُمْ بِالشِّرْكِ، فَهُوَ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ، وَإِنْ قُدِّرَ ذَا سُلْطَانٍ، أَيْ مَلَكًا ذَا بُرْهَانٍ، كَانَ التَّكَلُّمُ حَقِيقَةً.
وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً: أَيْ نِعْمَةً، مِنْ مَطَرٍ، أَوْ سِعَةٍ، أَوْ صِحَّةٍ. وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ: أَيْ بَلَاءٌ، مِنْ حَدَثٍ، أَوْ ضِيقٍ، أَوْ مَرَضٍ. بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي.
إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [3] ، فَفِي إِصَابَةِ الرَّحْمَةِ فَرِحُوا وَذَهَلُوا عَنْ شُكْرِ مَنْ أَسْدَاهَا إِلَيْهِمْ، وَفِي إِصَابَةِ الْبَلَاءِ قَنِطُوا وَيَئِسُوا وَذَهَلُوا عَنِ الصَّبْرِ، وَنَسُوا مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ إِصَابَةِ البلاء. وأَذاهُمْ جَوَابُ: وَإِنْ تُصِبْهُمْ، يَقُومُ مَقَامَ الْفَاءِ فِي الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الْوَاقِعَةِ جَوَابًا لِلشَّرْطِ. وَحِينَ ذَكَرَ إِذَاقَةَ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهَا، وَهُوَ زِيَادَةُ الْإِحْسَانِ وَالتَّفَضُّلِ. وَحِينَ ذَكَرَ إِصَابَةَ السَّيِّئَةِ، ذَكَرَ سَبَبَهَا، وَهُوَ الْعِصْيَانُ، لِيَتَحَقَّقَ بَدَلُهُ. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى الْأَمْرَ الَّذِي مَنِ اعْتَبَرَهُ لم ييأس مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْبَاسِطُ الْقَابِضُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْنِطَ، وَأَنْ يَتَلَقَّى مَا يَرِدُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ بِالصَّبْرِ فِي الْبَلَاءِ، وَالشُّكْرِ فِي النَّعْمَاءِ، وَأَنْ يُقْلِعَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ السَّيِّئَةُ بِسَبَبِهَا، حَتَّى تَعُودَ إليه رحمة ربه.

[1] سورة العنكبوت: 29/ 65.
[2] سورة الجاثية: 45/ 29.
[3] سورة الرعد: 13/ 11.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 392
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست