responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 381
سُوءٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَ عِبَادَهُ بِتَنْزِيهِهِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، لِمَا يَتَجَدَّدُ فِيهَا مِنَ النِّعَمِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ اسْتِغْرَاقِ زَمَانِ الْعَبْدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا رَبَّهُ، وَاصِفَهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَمَّا ذَكَرَ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ، أَتْبَعَهُ ذِكْرَ مَا يُوصِلُ إِلَى الْوَعْدِ وَيُنْجِي مِنَ الْوَعِيدِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ هُنَا بِالتَّسْبِيحِ: الصَّلَاةُ. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ وَالْعَصْرُ وَالظُّهْرُ، وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَفِي قَوْلِهِ: وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ [1] . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
الْخَمْسُ، وَجَعَلَ حِينَ تُمْسُونَ شَامِلًا لِلْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْحَمْدَ وَاجِبٌ عَلَى أهل السموات وَأَهْلِ الْأَرْضِ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فُرِضَتِ الْخَمْسُ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: بَلْ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ وَفِي التَّحْرِيرِ، اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْخَمْسَ دَاخِلَةٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا ذُكِرَتِ الْخَمْسُ إِلَّا فِيهَا، وَقَدَّمَ الْإِمْسَاءَ عَلَى الْإِصْبَاحِ، كما قدم ف قول يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ [2] ، وَالظُّلُمَاتِ عَلَى النُّورِ، وَقَابَلَ بِالْعَشِيِّ الْإِمْسَاءَ. وَبِالْإِظْهَارِ الْإِصْبَاحَ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْقَبُ بِمَا يُقَابِلُهُ، فَالْعَشِيُّ يَعْقُبُهُ الْإِمْسَاءُ، وَالْإِصْبَاحُ يَعْقُبُهُ الْإِظْهَارُ. وَلَمَّا لَمْ يَتَصَرَّفْ مِنَ الْعَشِيِّ فِعْلٌ، لَا يُقَالُ أَعْشَى، كَمَا يُقَالُ أَمْسَى وَأَصْبَحَ وَأَظْهَرَ، جَاءَ التَّرْكِيبُ وَعَشِيًّا: وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ: حِينًا تُمْسُونَ وَحِينًا تُصْبِحُونَ، بِتَنْوِينِ حِينٍ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ حُذِفَ مِنْهَا الْعَائِدُ تَقْدِيرُهُ: تُمْسُونَ فِيهِ وَتُصْبِحُونَ فِيهِ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْإِبْدَاءَ وَالْإِعَادَةَ، نَاسَبَ ذِكْرَهُ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي آلِ عِمْرَانَ. وَكَذلِكَ: أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الْإِخْرَاجِ، وَالْمَعْنَى: تَسَاوَى الْإِبْدَاءُ وَالْإِعَادَةُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: تُخْرَجُونَ، بِالتَّاءِ الْمَضْمُومَةِ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَابْنُ وَثَّابٍ وَطَلْحَةُ وَالْأَعْمَشُ: بِفَتْحِ تَاءِ الْخِطَابِ وَضَمِّ الرَّاءِ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى آيَاتِهِ مِنْ بَدْءِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، آيَةً آيَةً، إِلَى حِينِ بَعْثِهِ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ:
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ: جَعَلَ خَلْقَهُمْ مِنْ تُرَابٍ، حَيْثُ كَانَ خَلَقَ أَبَاهُمْ آدَمَ من تراب. وتَنْتَشِرُونَ: تتصرفون في أغراضكم بثم الْمُقْتَضِيَةِ الْمُهْلَةَ وَالتَّرَاخِيَ. وَنَبَّهَ تَعَالَى عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ تُرَابٍ، وَهُوَ أَبْعَدُ الْأَشْيَاءِ عَنْ دَرَجَةِ الْإِحْيَاءِ، لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَابِسٌ، وَالْحَيَاةُ بِالْحَرَارَةِ وَالرُّطُوبَةِ، وَكَذَا الرُّوحُ نَيِّرٌ وَثَقِيلٌ، وَالرُّوحُ خَفِيفٌ وَسَاكِنٌ، وَالْحَيَوَانُ مُتَحَرِّكٌ إِلَى الْجِهَاتِ السِّتِّ، فَالتُّرَابُ أَبْعَدُ مِنْ قَبُولِ الْحَيَاةِ مِنْ سَائِرِ الْأَجْسَامِ.

[1] سورة هود: 11/ 114.
[2] سورة آل عمران: 3/ 27، وسورة الحج: 22/ 61.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست