responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 348
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً، هُوَ نَحْتُ الْأَصْنَامِ وَخَلْقُهَا، سَمَّاهَا إِفْكًا تَوَسُّعًا مِنْ حَيْثُ يَفْتَرُونَ بِهَا الْإِفْكَ فِي أَنَّهَا آلِهَةٌ. وقال مجاهد: هو اختلاف الْكَذِبِ فِي أَمْرِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِفْكًا فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَصْدَرًا نَحْوَ: كِذْبٍ وَلِعْبٍ، وَالْإِفْكُ مُخَفَّفٌ مِنْهُ، كَالْكِذْبِ وَاللِّعْبِ مِنْ أَصْلِهِمَا، وَأَنْ تَكُونَ صِفَةً عَلَى فِعْلٍ، أَيْ خَلْقًا إِفْكًا، ذَا إِفْكٍ وَبَاطِلٍ، واختلافهم الْإِفْكَ تَسْمِيَةُ الْأَوْثَانِ آلِهَةً وَشُرَكَاءَ لِلَّهِ وَشُفَعَاءَ إِلَيْهِ، أَوْ سَمَّى الْأَصْنَامَ إِفْكًا، وَعَمَلَهُمْ لَهَا وَنَحْتَهُمْ خَلْقًا لِلْإِفْكِ. انْتَهَى.
وَهَذَا التَّرْدِيدُ مِنْهُ فِي نَحْوِ: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً، قَوْلَانِ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا نَقْلُهُمَا عَنْهُمَا وَنَفْيُهُمْ بِقَوْلِهِ: لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً عَلَى جِهَةِ الِاحْتِجَاجِ بِأَمْرٍ يَفْهَمُهُ عَامَّتُهُمْ وَخَاصَّتُهُمْ، فَقَرَّرَ أَنَّ الْأَصْنَامَ لَا تُرْزَقُ، وَالرِّزْقُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرَ:
لَا يَمْلِكُونَ أَنْ يَرْزُقُوكُمْ شَيْئًا مِنَ الرِّزْقِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اسْمَ الْمَرْزُوقِ، أَيْ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ إِيتَاءَ رِزْقٍ وَلَا تَحْصِيلَهُ، وَخُصَّ الرِّزْقُ لِمَكَانَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِابْتِغَاءِ الرِّزْقِ مِمَّنْ هُوَ يَمْلِكُهُ وَيُؤْتِيهِ، وَذَكَرَ الرِّزْقَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، وَعَرَّفَهُ بَعْدُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْعُمُومِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى عِنْدَهُ الْأَرْزَاقُ كُلُّهَا. وَاشْكُرُوا لَهُ عَلَى نِعَمِهِ السَّابِغَةِ مِنَ الرِّزْقِ وَغَيْرِهِ. وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ: أَيْ إِلَى جَزَائِهِ، أَخْبَرَ بِالْمَعَادِ وَالْحَشْرِ. ثُمَّ قَالَ:
وَإِنْ تُكَذِّبُوا: أَيْ لَيْسَ هَذَا مُبْتَكَرًا مِنْكُمْ، وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ مِنْ أُمَمِ الرُّسُلِ، قِيلَ: قَوْمُ شِيثَ وَإِدْرِيسَ وَغَيْرِهِمْ.
وَرُوِيَ أَنَّ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَاشَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، فَآمَنَ بِهِ أَلْفُ إنسان على عدد سنيه، وَبَاقِيهِمْ عَلَى التَّكْذِيبِ.
وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، بِخِلَافٍ عَنْهُ: تَرَوْا، بِتَاءِ الْخِطَابِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِالْيَاءِ. والجمهور: يبدىء، مُضَارِعَ أَبْدَأَ وَالزُّبَيْرُ. وَعِيسَى، وَأَبُو عَمْرٍو: بِخِلَافٍ عَنْهُ: يَبْدَأُ، مُضَارِعَ بَدَأَ. وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ: كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ، بِتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ بِإِبْدَالِهَا أَلِفًا، فَذَهَبَتْ فِي الْوَصْلِ، وَهُوَ تَخْفِيفٌ غَيْرُ قِيَاسِيٍّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَارْعِي فَزَارَةَ لَا هَنَاكِ الْمَرْتَعُ وَقِيَاسُ تَخْفِيفِ هَذَا التَّسْهِيلِ بَيْنَ بَيْنَ، وَتَقْرِيرُهُمْ عَلَى رُؤْيَةِ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي قَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَوْا، وَفِي: فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ، إِنَّمَا هُوَ لِمُشَاهَدَتِهِمْ إِحْيَاءَ الْأَرْضِ بِالنَّبَاتِ، وَإِخْرَاجَ أَشْيَاءَ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ، لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ الرُّؤْيَةِ وَلَا تَحْتَ النَّظَرِ، فَلَيْسَ ثُمَّ يُعِيدُهُ مَعْطُوفًا عَلَى يُبْدِئُ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست