responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 345
فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُو فَإِنَّ أَنْدَى ... لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ
وَلِكَوْنِهِ خَبَرًا حَسُنَ تَكْذِيبُهُمْ فِيهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَمَرُوهُمْ بِاتِّبَاعِ سَبِيلِهِمْ، وَهِيَ طَرِيقَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي دِينِهِمْ، وَأَمَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِحَمْلِ خَطَايَاهُمْ، فَحُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى الْأَمْرِ وَأَرَادُوا، لِيَجْتَمِعْ هَذَانِ الْأَمْرَانِ فِي الْحُصُولِ، أَنْ يَتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَأَنْ نَحْمِلَ خَطَايَاكُمْ.
وَالْمَعْنَى: تَعْلِيقُ الْحَمْلِ بِالِاتِّبَاعِ، وَهَذَا قَوْلُ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، كَانُوا يَقُولُونَ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ:
لَا نُبْعَثُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ، فَإِنْ عَسَى، كَانَ ذَلِكَ فَإِنَّا نَتَحَمَّلُ عَنْكُمُ الْإِثْمَ. انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَسَى، كَانَ تَرْكِيبٌ أَعْجَمِيٌّ لَا عَرَبِيٌّ، لِأَنَّ إِنِ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى عَسَى، لِأَنَّهُ فِعْلٌ جَامِدٌ، وَلَا تَدْخُلُ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ عَلَى الْفِعْلِ الْجَامِدِ وَأَيْضًا فَإِنَّ عَسَى لَا يَلِيهَا كَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَسَى بِغَيْرِ اسْمٍ وَلَا خَبَرٍ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهَا تَامَّةً. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَعِيسَى، وَنُوحٌ الْقَارِئُ:
وَلِنَحْمِلْ، بِكَسْرِ لَامِ الْأَمْرِ وَرُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ
، وَهِيَ لُغَةُ الْحَسَنِ، فِي لَامِ الْأَمْرِ.
وَالْحَمْلُ هُنَا مُجَازٌ، شَبَّهَ الْقِيَامَ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ عَوَاقِبِ الْإِثْمِ بِالْحَمْلِ عَلَى الظَّهْرِ، وَالْخَطَايَا بِالْمَحْمُولِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَحْمِلُ هُنَا مِنَ الْحِمَالَةِ، لَا مِنَ الْحَمْلِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مِنْ خَطاياهُمْ. وَقَرَأَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، فِيمَا ذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ: مِنْ خَطِيئَتِهِمْ، عَلَى التَّوْحِيدِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ الْجِنْسِ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ اتِّصَافُهُ بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ خَالَوَيْهِ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ أَنَّ دَاوُدَ هَذَا قَرَأَ: من خطيآتهم، بِجَمْعِ خَطِيئَةٍ جَمْعَ السَّلَامَةِ، بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ: مِنْ خَطَئِهِمْ، بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَسْرُ الْيَاءِ عَلَى أَنَّهَا هَمْزَةٌ سُهِّلَتْ بَيْنَ بَيْنَ، فَأَشْبَهَتِ الْيَاءَ، لِأَنَّ قِيَاسَ تَسْهِيلِهَا هُوَ ذَلِكَ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ سَمَّاهُمْ كَاذِبِينَ؟ وَإِنَّمَا ضَمِنُوا شَيْئًا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، وَمِنْ ضَمِنَ شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، لَا يُسَمَّى كَاذِبًا، لَا حِينَ ضَمِنَ، وَلَا حِينَ عَجَزَ، لِأَنَّهُ فِي الْحَالَيْنِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ عَدِّ الْكَاذِبِينَ، وَهُوَ الْمُخْبِرُ عَنِ الشَّيْءِ، لَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ؟ قُلْتُ: شَبَّهَ اللَّهُ حَالَهُمْ، حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ مَا ضَمِنُوهُ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إِلَى أَنْ يَفُوا بِهِ، فَكَانَ ضَمَانُهُمْ عِنْدَهُ، لَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمَضْمُونُ بِالْكَاذِبِينَ الَّذِينَ خَبَرَهُمْ، لَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُخْبَرُ عَنْهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ إِنَّهُمْ كَاذِبُونَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، كَالْكَاذِبِينَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ الشَّيْءَ، وَفِي قُلُوبِهِمْ فِيهِ الْخُلْفُ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ مِنْ قَوْلُ ابْنِ عَطِيَّةَ إِنَّ قَوْلَهُ: وَلْنَحْمِلْ خَبَرٌ، يَعْنِي أَمْرًا، وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ منزلان مَنْزِلَةُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، إِذِ الْمَعْنَى: أَنْ تَتَّبِعُوا سَبِيلَنَا، وَلَحِقَكُمْ فِي ذَلِكَ إِثْمٌ عَلَى مَا تَزْعُمُونَ، فَنَحْنُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست