responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 291
وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ، أَنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مِنَ الْمُرْضِعَاتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى مُوسَى. قِيلَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ الطِّفْلُ فِي ظَاهِرِ أَمْرِهِ مِنْ جُمْلَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: تَأَوَّلَ الْقَوْمُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلطِّفْلِ فَقَالُوا لَهَا: إِنَّكِ قَدْ عَرَفْتِيهِ، فَأَخْبِرِينَا مَنْ هُوَ؟ فَقَالَتْ: مَا أَرَدْتُ، إِلَّا أَنَّهُمْ نَاصِحُونَ لِلْمَلِكِ، فَتَخَلَّصَتْ مِنْهُمْ بِهَذَا التَّأْوِيلِ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَمَرَّتْ بِهِمْ إِلَى أُمِّهِ، فَكَلَّمُوهَا فِي إِرْضَاعِهِ أَوْ فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ إِلَيْهِمْ، فَكَلَّمُوهَا فِي شَأْنِهِ، فَأَرْضَعَتْهُ، فَالْتَقَمَ ثَدْيَهَا.
وَيُرْوَى أَنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ لَهَا: مَا سَبَبُ قَبُولِ هَذَا الطِّفْلِ ثَدْيَكِ، وَقَدْ أَبَى كُلَّ ثَدْيٍ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ، طَيِّبَةُ اللَّبَنِ، لَا أُوتَى بِصَبِيٍّ إِلَّا قَبِلَنِي، فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا، وَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى بَيْتِهَا، وَأَجْرَى لَهَا كُلَّ يَوْمٍ دِينَارًا.
وَجَازَ لَهَا أَخْذُهُ لِأَنَّهُ مَالُ حَرْبِيٍّ، فَهُوَ مُبَاحٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ أُجْرَةَ رَضَاعٍ. فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ، وَدَمْعُ الْفَرَحِ بَارِدٌ، وَعَيْنُ الْمَهْمُومِ حَرَّى سخنة، وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ:
فَأَمَّا عُيُونُ الْعَاشِقِينَ فَأَسْخَنَتْ ... وَأَمَّا عُيُونُ الشَّامِتِينَ فَقَرَّتِ
لَمَّا أَنْجَزَ تَعَالَى وَعْدَهُ فِي الرَّدِّ، ثَبَتَ عِنْدَهَا أَنَّهُ سَيَكُونُ نَبِيًّا رَسُولًا. وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَعَلْنَا ذَلِكَ. وَلَا يَعْلَمُونَ، أَيْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَهُمْ مُرْتَابُونَ فِيهِ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الرَّدَّ إِنَّمَا كَانَ لِعِلْمِهَا بِصِدْقِ وَعْدِ اللَّهِ. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ بِأَنَّ الرَّدَّ كَانَ لِذَلِكَ، وَفِي قَوْلِهِ: وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ دَلَالَةٌ عَلَى ضَعْفِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْإِيحَاءَ إِلَيْهَا كَانَ إِلْهَامًا أَوْ مَنَامًا، لِأَنَّ ذَلِكَ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ وَعْدٌ. وَقَوْلُهُ: وَلِتَعْلَمَ وُقُوعَ ذَلِكَ فَهُوَ عِلْمُ مُشَاهَدَةٍ، إِذْ كَانَتْ عَالِمَةً أَنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ، وَأَكْثَرُهُمْ هُمُ الْقِبْطُ، وَلَا يَعْلَمُونَ سِرَّ الْقَضَاءِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَعْلَمُونَ مَصَالِحَهُمْ وَصَلَاحَ عَوَاقِبِهِمْ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَيْضًا، وَمُقَاتِلٌ:
لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَهَا رَدَّهُ إِلَيْهَا، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ إِلَى الْمُحْسِنِينَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ، قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ، فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ، فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يَا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ، وَجاءَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست