responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 289
وَأَصْبَحَ: أَيْ صَارَ فَارِغًا مِنَ الْعَقْلِ، وَذَلِكَ حِينَ بَلَغَهَا أَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدِ فِرْعَوْنَ، فَدَهَمَهَا أَمْرٌ مِثْلُهُ لَا يَثْبُتُ مَعَهُ الْعَقْلُ، لَا سِيَّمَا عَقْلُ امْرَأَةٍ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا حَتَّى طَرَحَتْهُ فِي الْيَمِّ، رَجَاءَ نَجَاتِهِ مِنَ الذَّبْحِ هَذَا مَعَ الْوَحْيِ إِلَيْهَا أَنَّ اللَّهَ يَرُدُّهُ إِلَيْهَا وَيَجْعَلُهُ رَسُولًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَطَاشَ لُبُّهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا مَا يَغْلِبُ عَلَى الْبَشَرِ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْخَطْبِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ اسْتَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَوْعُودِ اللَّهِ. وَقَرَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي عَمْرٍو فُوَادُ: بِالْوَاوِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى. وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: فَارِغًا مِنَ الصَّبْرِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: فَارِغًا مِنْ وَعْدِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ إِلَيْهَا، تَنَاسَتْهُ مِنَ الْهَمِّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَارِغًا مِنَ الْحُزْنِ، إِذْ لَمْ يَغْرَقْ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ، وَتُبْعِدُهُ الْقِرَاءَاتُ الشَّوَاذُّ الَّتِي فِي اللَّفْظَةِ. وَقَرَأَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَالْحَسَنُ، وَيَزِيدُ بْنُ قُطَيْبٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ:
فَزِعًا، بِالزَّايِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، مِنَ الْفَزَعِ، وَهُوَ الْخَوْفُ وَالْقَلَقُ وَابْنُ عَبَّاسٍ: قَرِعًا، بِالْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا، مِنْ قَرَعَ رَأْسُهُ، إِذَا انْحَسَرَ شَعْرُهُ، كَأَنَّهُ خَلَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى. وَقِيلَ: قَرْعًا، بِالسُّكُونِ، مَصْدَرٌ، أَيْ يَقْرَعُ قَرْعًا مِنَ الْقَارِعَةِ، وَهِيَ الْهَمُّ الْعَظِيمُ. وَقَرَأَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: فِزْغًا، بِالْفَاءِ مَكْسُورَةٍ وَسُكُونِ الزَّايِ وَالْغَيْنِ الْمَنْقُوطَةِ، وَمَعْنَاهُ: ذَاهِبًا هَدَرًا تَالِفًا مِنَ الْهَمِّ وَالْحُزْنِ. وَمِنْهُ قَوْلُ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيِّ فِي أَخِيهِ حِبَالٍ:
فَإِنْ يَكُ قَتْلَى قَدْ أُصِيبَتْ نُفُوسُهُمْ ... فَلَنْ تَذْهَبُوا فِزْغًا بِقَتْلِ حِبَالِ
أَيْ: بِقَتْلِ حِبَالٍ فِزْغًا، أَيْ هَدَرًا لَا يُطْلَبُ لَهُ بِثَأْرٍ وَلَا يُؤْخَذُ. وَقَرَأَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: فُرُغًا، بِضَمِّ الْفَاءِ وَالرَّاءِ. إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ: هِيَ إِنِ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللَّامُ هِيَ الْفَارِقَةُ.
وَقِيلَ: إِنْ نَافِيَةً، وَاللَّامُ بِمَعْنَى إِلَّا، وَهَذَا قَوْلٌ كُوفِيٌّ، وَالْإِبْدَاءُ: إِظْهَارُ الشَّيْءِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي به عَائِدٌ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقِيلَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ، أَيْ: لَتُظْهِرُهُ. وَقِيلَ:
مَفْعُولُ تُبْدِي مَحْذُوفٌ، أَيْ لَتُبْدِي الْقَوْلَ بِهِ، أَيْ بِسَبَبِهِ وَأَنَّهُ وَلَدُهَا. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْوَحْيِ، أَيْ لَتُبْدِي بِالْوَحْيِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَادَتْ تَصِيحُ عِنْدَ إِلْقَائِهِ فِي الْبَحْرِ وَا ابْنَاهُ.
وَقِيلَ: عِنْدَ رُؤْيَتِهَا تَلَاطُمَ الْأَمْوَاجِ بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها. قَالَ قَتَادَةُ: بِالْإِيمَانِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: بِالْعِصْمَةِ. وَقَالَ الصَّادِقُ: بِالْيَقِينِ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: بِالْوَحْيِ، ولِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَعَلْنَا ذَلِكَ، أَيِ الْمُصَدِّقِينَ بِوَعْدِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ. وَالرَّبْطُ عَلَى الْقَلْبِ كِنَايَةٌ عَنْ قَرَارِهِ وَاطْمِئْنَانِهِ، شُبِّهَ بِمَا يُرْبَطُ مَخَافَةَ الِانْفِلَاتِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ: وَأَصْبَحَ فُؤَادُهَا فَارِغًا مِنَ الْهَمِّ حِينَ سَمِعَتْ أَنَّ فِرْعَوْنَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست