responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 272
الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْغُنْيَانِ: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ لِلْبَعْثِ مِنَ الْقُبُورِ وَالْحَشْرِ، وَعُبِّرَ هُنَا بِالْمَاضِي فِي قَوْلِهِ: فَفَزِعَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ إِشْعَارًا بِصِحَّةِ وُقُوعِهِ، وَأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَهَذِهِ فَائِدَةُ وَضْعِ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ [1] ، بَعْدَ قَوْلِهِ: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [2] .
إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ: أَيْ فَلَا يَنَالُهُمْ هَذَا الْفَزَعُ لِتَثْبِيتِ اللَّهِ قَلْبَهُ. فَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَإِذَا كَانَ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ لَا يَنَالُهُمْ، فَهُمْ حَرِيُّونَ أَنْ لَا يَنَالَهُمْ هَذَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْحُورُ الْعِينُ، وَخَزَنَةُ النَّارِ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ. وَعَنْ جَابِرٍ: مِنْهُمْ مُوسَى، لِأَنَّهُ صَعِقَ مَرَّةً. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ، وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثًا، وَهُوَ: «أَنَّهُمْ هُمُ الشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ مُتَقَلِّدُو السُّيُوفِ حَوْلَ الْعَرْشِ. وَقِيلَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ لِقَوْلِهِ: وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَلَمْ يَرِدْ فِي تَعْيِينِهِمْ خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ صَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي التَّعْيِينِ، وَغَيْرُهُ اجْتِهَادٌ. وَهَذَا النَّفْخُ هُوَ حَقِيقَةٌ، إِمَّا فِي الْقَرْنِ، وَإِمَّا فِي الصُّوَرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِدُعَاءِ الْمَوْتَى، فَإِنَّ خُرُوجَهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ كَخُرُوجِ الْجَيْشِ عِنْدَ سَمَاعِ الصَّوْتِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَجَازًا. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِكَثْرَةِ وُرُودِ النَّفْخِ فِي الصُّورِ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَقِيلَ:
فَفَزِعَ، لَيْسَ مِنَ الْفَزَعِ بِمَعْنَى الْخَوْفِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَجَابَ وَأَسْرَعَ إِلَى الْبَقَاءِ.
وَكُلٌّ أَتَوْهُ: الْمُضَافُ إِلَيْهِ كُلٌّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَكُلُّهُمْ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: آتُوهُ، اسْمُ فَاعِلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ وَحَمْزَةُ، وَحَفْصٌ: أَتَوْهُ، فِعْلًا مَاضِيًا، وَفِي الْقِرَاءَتَيْنِ رُوعِيَ مَعْنَى كُلٍّ مِنَ الْجَمْعِ، وَقَتَادَةُ: أَتَاهُ، فِعْلًا ماضيا مسندا الضمير كُلٌّ عَلَى لَفْظِهَا، وَجَمَعَ داخِرِينَ عَلَى مَعْنَاهَا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَالْأَعْمَشُ: دَخِرِينَ، بِغَيْرِ أَلِفٍ. قِيلَ: وَمَعْنَى آتُوهُ: حَاضِرُونَ الْمَوْقِفَ بَعْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ رُجُوعُهُمْ إِلَى أَمْرِهِ وَانْقِيَادُهُمْ لَهُ. وَتَرَى الْجِبالَ: هُوَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ تَحْسَبُهَا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ تَرَى، أو من الجبال. وجامدة، مَنْ جَمَدَ مَكَانَهُ إِذَا لَمْ يَبْرَحْ مِنْهُ، وَهَذِهِ الْحَالُ لِلْجِبَالِ عَقِيبَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ، وَهِيَ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْجِبَالِ، تَمُوجُ وَتَسِيرُ، ثُمَّ يَنْسِفُهَا اللَّهُ فَتَصِيرُ كَالْعِهْنِ، ثُمَّ تَكُونُ هَبَاءً مُنْبَثًّا فِي آخِرِ الْأَمْرِ.

[1] سورة هود: 11/ 98. [.....]
[2] سورة هود: 11/ 98.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست