responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 27
وَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْعَدِّ ... وَإِنْ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا
وَمِنْهُ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ الْحَقَّ بِالنَّصْبِ صفة لدينهم. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو رَوْقٍ وَأَبُو حَيْوَةَ بِالرَّفْعِ صِفَةً لِلَّهِ، وَيَجُوزُ الْفَصْلُ بِالْمَفْعُولِ بَيْنَ الْمَوْصُولِ وصفته ويَعْلَمُونَ إِلَى آخِرِهِ يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ لِأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ يعلم أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَوْ قَلَبْتَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَفَتَّشْتَ عَمَّا أُوعِدَ بِهِ الْعُصَاةُ لَمْ تَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَلَّظَ فِي شَيْءٍ تَغْلِيظَهُ فِي الْإِفْكِ وَمَا أَنْزَلَ مِنَ الْآيَاتِ الْقَوَارِعِ الْمَشْحُونَةِ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَالْعَذَابِ الْبَلِيغِ، وَالزَّجْرِ الْعَنِيفِ، وَاسْتِعْظَامِ مَا رَكِبَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتِفْظَاعِ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ مَا نَزَّلَ فِيهِ عَلَى طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَسَالِيبَ مُتْقَنَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَافٍ فِي بَابِهِ، وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِلَّا هَذِهِ الثَّلَاثَ لَكَفَى بِهَا حَيْثُ جَعَلَ الْقَذَفَةَ مَلْعُونِينَ فِي الدَّارَيْنِ جَمِيعًا وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِمَا أَفَكُوا وَبَهَتُوا بِهِ، وَأَنَّهُ يُوَفِّيهِمُ جَزَاءَ الْحَقِّ الَّذِي هُمْ أَهْلُهُ حَتَّى يَعْلَمُوا عِنْدِ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ فَأَوْجَزَ فِي ذَلِكَ وَأَشْبَعَ وَفَصَّلَ وَأَجْمَلَ وَأَكَّدَ وَكَرَّرَ، وَجَاءَ بِمَا لَمْ يَقَعْ فِي وَعِيدِ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ إِلَّا مَا هُوَ دُونَهُ فِي الْفَظَاعَةِ انْتَهَى. وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ؟ قُلْتُ: مَعْنَاهُ ذُو الْحَقِّ الْمُبِينِ الْعَادِلِ الَّذِي لَا ظُلْمَ فِي حُكْمِهِ، وَالْمُحِقُّ الَّذِي لَا يُوصَفُ بِبَاطِلٍ، وَمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَهُ إِسَاءَةُ مُسِيءٍ وَلَا إِحْسَانُ مُحْسِنٍ، فَحَقُّ مِثْلِهِ أَنْ يُتَّقَى وَتُجْتَنَبَ مَحَارِمُهُ انْتَهَى. وَفِي قَوْلِهِ لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَهُ إِسَاءَةُ مُسِيءٍ دَسِيسَةُ الِاعْتِزَالِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَبِيثاتُ وَصْفٌ لِلنِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ الطَّيِّباتُ أَيِ النِّسَاءُ الْخَبِيثَاتُ لِلرِّجَالِ لِلْخَبِيثِينَ وَيُرَجِّحُهُ مُقَابَلَتُهُ بِالذُّكُورِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَبِيثاتُ مِنَ النِّسَاءِ يَنْزِعْنَ لِلْخِبَاثِ مِنَ الرِّجَالِ، فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [1] وَكَذَلِكَ الطَّيِّباتُ مِنَ النِّسَاءِ لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ عَائِشَةَ حِينَ ذَكَرَتِ التِّسْعَ الَّتِي مَا أُعْطِيَتْهُنَّ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا. وَفِي آخِرِهَا: وَلَقَدْ خُلِقْتُ طَيِّبَةً عِنْدَ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقًا كَرِيمًا. وَهَذَا التَّأْوِيلُ نَحَا إِلَيْهِ ابْنُ زَيْدٍ فَهُوَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَشْبَاهِهِ وَالرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كُلَّ طَيِّبَةٍ وَأُولَئِكَ خَبِيثُونَ فَهُمْ أهل النساء

[1] سورة النور: 24/ 3.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست