responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 266
الْمَوْعُودِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ، قِيلَ لَهُ: قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ ردفكم بَعْضُهُ: أَيْ تَبِعَكُمْ عَنْ قُرْبٍ وَصَارَ كَالرَّدِيفِ التَّابِعِ لَكُمْ بَعْضُ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ، وَهُوَ كَانَ عَذَابَ يوم بدر. وقيل:
عذاب الْقَبْرِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: رَدِفَ، بِكَسْرِ الدَّالِ. وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزٍ: بِفَتْحِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَأَصْلُهُ التَّعَدِّي بِمَعْنَى تَبِعَ وَلَحِقَ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُضَمَّنًا مَعْنَى اللَّازِمِ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ بِأَزِفَ وَقَرُبَ لَمَّا كَانَ يَجِيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ قَرِيبًا مِنْهُ ضِمْنَ مَعْنَاهُ، أَوْ مَزِيدًا اللَّامُ فِي مَفْعُولِهِ لِتَأْكِيدِ وَصُولِ الْفِعْلِ إِلَيْهِ، كَمَا زِيدَتِ الْبَاءُ فِي: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ [1] ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَقَدْ عُدِّيَ بِمَنْ عَلَى سَبِيلِ التَّضْمِينِ لِمَا يَتَعَدَّى بِهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا رَدِفْنَا مِنْ عُمَيْرٍ وَصَحْبِهِ ... تَوَلَّوْا سِرَاعًا وَالْمَنِيَّةُ تعنق
أَيْ دَنَوْا مِنْ عُمَيْرٍ. وَقِيلَ: رَدِفَهُ وَرَدِفَ لَهُ، لُغَتَانِ. وَقِيلَ: الْفِعْلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيِ الرَّادِفَةُ لكم. وبعض عَلَى تَقْدِيرِ رِدَافَةِ بَعْضِ مَا تَسْتَعْجِلُونَ، وَهَذَا فِيهِ تَكَلُّفٌ يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْهُ. وَقِيلَ: اللَّامُ فِي لَكُمْ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ، وَالْمَفْعُولُ بِهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: رَدِفَ الْخَلْقَ لِأَجْلِكُمْ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَقِيلَ: الْفَاعِلُ بِرَدِفَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْوَعْدِ، ثُمَّ قَالَ: لَكُمْ بَعْضُ مَا تَسْتَعْجِلُونَ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، وَهَذَا فِيهِ تَفْكِيكٌ لِلْكَلَامِ، وَخُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ لِغَيْرِ حَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ. لَذُو فَضْلٍ: أَيْ أَفْضَالٍ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَعَاصِيهِمْ وَكُفْرِهِمْ، وَمُتَعَلِّقُ يَشْكُرُونَ مَحْذُوفٌ، أَيْ لَا يَشْكُرُونَ نِعَمَهُ عِنْدَهُمْ، أَوْ لَا يَشْكُرُونَ بِمَعْنَى: لَا يَعْرِفُونَ حَقَّ النِّعْمَةِ، عَبَّرَ عَنِ انْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالنِّعْمَةِ، بِانْتِفَاءِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا، وَهُوَ الشُّكْرُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِسَعَةِ عِلْمِهِ، فَبَدَأَ بِمَا يَخُصُّ الْإِنْسَانَ، ثُمَّ عَمَّ كُلَّ غَائِبَةٍ وَعَبَّرَ بِالصُّدُورِ، وَهِيَ مَحَلُّ الْقُلُوبِ الَّتِي لَهَا الْفِكْرُ وَالتَّعَقُّلُ، كَمَا قَالَ: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [2] عَنِ الْحَالِ فِيهَا، وَهِيَ الْقُلُوبُ، وَأَسْنَدَ الْإِعْلَانَ إِلَى ذَوَاتِهِمْ، لِأَنَّ الْإِعْلَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ. وَلَمَّا كَانَ الْمُضْمَرُ فِي الصَّدْرِ هُوَ الدَّاعِي لِمَا يَظْهَرُ عَلَى الْجَوَارِحِ، وَالسَّبَبُ فِي إِظْهَارِهِ قِدَمُ الإكنان على الإعلان. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مَا تُكِنُّ، مَنْ أَكَنَّ الشَّيْءَ: أَخْفَاهُ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَحُمَيْدٌ، وَابْنُ السَّمَيْفَعِ: بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْكَافِ، مِنْ كَنَّ الشَّيْءَ: سَتَرَهُ، وَالْمَعْنَى: مَا يُخْفُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ مِنْ عَدَاوَةِ الرَّسُولِ وَمَكَايِدِهِمْ.
وَالظَّاهِرُ عُمُومُ قَوْلِهِ: مِنْ غائِبَةٍ، أَيْ مَا مِنْ شَيْءٍ فِي غَايَةِ الْغَيْبُوبَةِ وَالْخَفَاءِ إلا في كتاب

[1] سورة البقرة: 2/ 195.
[2] سورة الحج: 22/ 46.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست