responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 218
يَصْلُحُ لَنَا وَنَتَمَنَّاهُ، وَأُرِيدَ بِهِ كَثْرَةُ مَا أُوتِيَ، فَكَأَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ يَقْصِدُهُ كُلُّ أَحَدٍ، يُرِيدُ كَثْرَةَ قُصَّادِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ بِلْقِيسَ: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [1] وَبُنِيَ علمنا وأوتينا لِلْمَفْعُولِ، وَحُذِفَ الْفَاعِلُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَكَانَا مُسْنَدَيْنِ لِنُونِ الْعَظَمَةِ لَا لِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ أَرَادَ نَفْسَهُ وَأَبَاهُ، أَوْ لَمَّا كَانَ مَلِكًا مُطَاعًا خَاطَبَ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَمَمْلَكَتِهِ بِحَالِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، لَا عَلَى سَبِيلِ التَّعَاظُمِ وَالتَّكَبُّرِ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ: إِقْرَارٌ بِالنِّعْمَةِ وَشُكْرٌ لَهَا وَمَحْمَدَةٌ.
رُوِيَ أَنَّ مُعَسْكَرَهُ كَانَ مِائَةَ فَرْسَخٍ فِي مِائَةٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلْجِنِّ، وَمِثْلُهَا لِلْإِنْسِ، وَمِثْلُهَا لِلطَّيْرِ، وَمِثْلُهَا لِلْوَحْشِ، وَأَلْفُ بَيْتٍ مِنْ قَوَارِيرَ عَلَى الْخَشَبِ، فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ مَنْكُوحَةٍ، وَسَبْعُمِائَةِ سِرِّيَّةٍ، وَقَدْ نَسَجَتْ لَهُ الْجِنُّ بِسَاطًا مِنْ ذَهَبٍ وَإِبْرِيسَمْ فَرْسَخًا فِي فَرْسَخٍ، وَمِنْبَرُهُ فِي وَسَطِهِ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَصْعَدُ عَلَيْهِ وَحَوْلَهُ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، تَقْعُدُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى كَرَاسِيِّ الْفِضَّةِ، وَحَوْلَهُمُ النَّاسُ، وَحَوْلَ النَّاسِ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وَتُظِلُّهُ الطَّيْرُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى لَا تَقَعَ عَلَيْهِ الشَّمْسِ، وَتَرْفَعُ رِيحُ الصَّبَا الْبِسَاطَ، فَتَسِيرُ بِهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ،
وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَحْتَاجُ إِلَى صِحَّةِ نَقْلٍ، وَكَانَ مُلْكُهُ عَظِيمًا، مَلَأَ الْأَرْضَ، وَانْقَادَ لَهُ أَهْلُ الْمَعْمُورِ مِنْهَا. وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّهُ مَلَكَ الْأَرْضَ بِأَسْرِهَا أَرْبَعَةٌ: مُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَانُ وَذُو الْقَرْنَيْنِ، وَكَافِرَانِ: بُخْتُنَصَّرَ وَنُمْرُوذُ. وَحَشْرُ الْجُنُودِ يَقْتَضِي سَفَرًا وَفُسِّرَ الْجُنُودُ أَنَّهُمُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَالطَّيْرُ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ الْوَحْشَ رَابِعًا.
فَهُمْ يُوزَعُونَ: يُحْشَرُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ، أَيْ يُوقَفُ مُتَقَدِّمُو الْعَسْكَرِ حَتَّى يَأْتِيَ آخِرُهُمْ فَيَجْتَمِعُونَ، لَا يَتَخَلَّفُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَذَلِكَ لِلْكَثْرَةِ الْعَظِيمَةِ، أَوْ يَكُفُّونَ عَنِ الْمُسَيَّرِ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. وَقِيلَ: يَجْتَمِعُونَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَقِيلَ: يُسَاقُونَ. وَقِيلَ: يُدْفَعُونَ. وَقِيلَ:
يُحْبَسُونَ. كَانَتِ الْجُيُوشُ تَسِيرُ مَعَهُ إذا سار، وينزل إِذَا نَزَلَ. حَتَّى إِذا أَتَوْا: هَذِهِ غَايَةٌ لِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ وَسَارُوا حَتَّى إِذَا أَتَوْا، أَوْ يُضَمَّنُ يُوزَعُونَ مَعْنَى فِعْلٍ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ حَتَّى غَايَةً لَهُ، أَيْ فَهُمْ يَسِيرُونَ مَكْنُوفًا بَعْضُهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ بَعْضٍ. وَعُدِّيَ أَتَوْا بِعَلَى، إِمَّا لِأَنَّ إِتْيَانَهُمْ كَانَ مِنْ فَوْقُ، وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ قَطْعُ الْوَادِي وَبُلُوغُ آخِرِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَتَى عَلَى الشَّيْءِ، إِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِ وَأَنْفَذَهُ، كَأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَنْزِلُوا عِنْدَ مُنْقَطَعِ الْوَادِي، لِأَنَّهُمْ مَا دَامَتِ الرِّيحُ تَحْمِلُهُمْ لَا يُخَافُ حَطْمُهُمْ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.

[1] سورة النمل: 27/ 23.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست