responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 214
ذَلِكَ لِأَمْرٍ أُرِيدَ بِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: إِنِّي لَا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَنَادَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مُؤْنِسًا وَمُقَوِّيًا عَلَى الْأَمْرِ: يَا مُوسى لَا تَخَفْ، فَإِنَّ رُسُلِي الذين اصطفيتم لِلنُّبُوَّةِ لَا يَخَافُونَ غَيْرِي. فَأَخَذَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الْحَيَّةَ، فَرَجَعَتْ عَصًا، ثُمَّ صَارَتْ لَهُ عَادَةً. انْتَهَى. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يَخَافُ الْمُرْسَلُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوحَى إِلَيْهِ فِيهِ، وَهُمْ أَخْوَفُ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ. وَقِيلَ: إِذَا أَمَرْتُهُمْ بِإِظْهَارِ مُعْجِزٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخَافُوا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ، فَالْمُرْسَلُ يَخَافُ اللَّهَ لَا مَحَالَةَ. انْتَهَى.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: إِلَّا مَنْ ظَلَمَ، اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى: لَكِنْ مَنْ ظَلَمَ غَيْرُهُمْ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَجَمَاعَةٌ، إِذِ الْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ مِنْ وُقُوعِ الظُّلْمِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَعَنِ الْفَرَّاءِ:
إِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِنْ جُمَلٍ مَحْذُوفَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنَّمَا يَخَافُ غَيْرُهُمْ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ. وَرَدَّهُ النَّحَّاسُ وَقَالَ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ مُحَالٌ، لَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ أَنْ لَا يَضْرِبَ الْقَوْمَ إِلَّا زَيْدًا، بِمَعْنَى: وَإِنَّمَا أَضْرِبُ غَيْرَهُمْ إِلَّا زَيْدًا، وَهَذَا ضِدُّ الْبَيَانِ وَالْمَجِيءِ بِمَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ. انْتَهَى. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا مَنْ ظَلَمَ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ مَعْنَى إِلَّا مُبَايِنٌ لِمَعْنَى الْوَاوِ مُبَايَنَةً كَثِيرَةً، إِذِ الْوَاوُ لِلْإِدْخَالِ، وَإِلَّا لِلْإِخْرَاجِ، فَلَا يُمْكِنُ وُقُوعُ أَحَدِهِمَا مَوْقِعَ الْآخَرِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَمُقَاتِلٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَالضَّحَّاكِ، مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعْصُومُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَمِنَ الصَّغَائِرِ الَّتِي هِيَ رَذَائِلُ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَاهَا، فَعَسَى أَنْ يُشِيرَ الْحَسَنُ وَابْنُ جُرَيْجٍ إِلَى مَا عَدَا ذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَطْلَقَ نَفْيَ الْخَوْفِ عَنِ الْمُرْسَلِ كَانَ ذلك مظنة لطرو الشبهة فَاسْتَدْرَكَ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى: وَلَكِنْ مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ، أَيْ فَرَطَتْ مِنْهُمْ صَغِيرَةٌ مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، كَالَّذِي فَرَطَ مِنْ آدَمَ وَيُونُسَ وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَإِخْوَةِ يُوسُفَ، وَمِنْ مُوسَى، بِوَكْزَةِ الْقِبْطِيِّ. وَيُوشِكُ أَنْ يُقْصَدَ بِهَذَا التَّعْرِيضِ مَا وُجِدَ مِنْ مُوسَى، وَهُوَ مِنَ التَّعْرِيضَاتِ الَّتِي يَلْطُفُ مَأْخَذُهَا، وَسَمَّاهُ ظُلْمًا كَمَا قَالَ مُوسَى:
رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي [1] . انْتَهَى. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَلَا مَنْ ظَلَمَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ. وَمَنْ: شَرْطِيَّةٌ. وَالْحُسْنُ: حُسْنُ التَّوْبَةِ، وَالسُّوءُ: الظُّلْمُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: حُسْنًا، بِضَمِّ الحاء وإسكان السين

[1] سورة القصص: 28/ 16.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست